نقاش واشنطن حول الشرق الأوسط

TT

خلال الاسابيع القليلة القادمة ستبدأ الولايات المتحدة نقاشا شاملا حول مستقبل دورها في الشرق الاوسط. وهذا النقاش الناتج عن سياسة الرئيس جورج بوش في تغيير النظام بالعراق سيركز على وسائل وطرق تحقيق هذا الهدف المثير للجدل.

غير ان اية مناقشات حول الشرق الاوسط لا يمكن ان تكتمل، او حتى ان تكون نافعة، الا اذا شملت الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني.

ان المدرسة الجديدة للاستراتيجية الجغرافية التي تبدو انها تؤثر في تفكير الرئيس الاميركي، ربما ترى القضية الفلسطينية مشكلة بسيطة مزعجة يمكن تركها تتفاعل للابد اذا لزم الامر. ففي النهاية، ترى هذه المدرسة ان مساحة اسرائيل وفلسطين صغيرة مقارنةً مع مساحات دول اخرى اكثر اهمية في المنطقة، كما ان سكان اسرائيل وفلسطين يمثلون، معا، 2% من عدد سكان الشرق الاوسط.

يضاف الى ذلك، في نظر تلك المدرسة ايضاً، حقيقة ان الاراضي الاسرائيلية والفلسطينية تفتقر الى اية موارد طبيعية، والاهم من ذلك من وجهة نظر الاستراتيجية الجغرافية، هو انها لا تسيطر على مراكز اتصالات دولية.

بل ان البعض اشار الى انه لو لم يوجد يهود في الولايات المتحدة، فإن القضية الفلسطينية ـ الاسرائيلية، لم تكن لتجذب اي اهتمام على الاطلاق في واشنطن.

وبالرغم من ذلك، اذا تركت جماعات الامبريالية الجديدة في واشنطن، فإن الجميع يتفق على ان حلا مناسبا، وإن لم يكن عادلا، للصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي يمثل المدخل الى سلام واستقرار في الشرق الاوسط.

ويرجع ذلك الى ان العلاقات الانسانية ليست عرضا دائما للقواعد المادية للتقييم المناسب. ان الرموز هامة والمشاعر تدخل في الحساب. فلا يمكن لأحد، ولا حتى اكثر دعاة الحرب الصهاينة تشددا، ان ينفي حقيقة ان الحياة في المنطقة، بما فيها اسرائيل، اكثر توترا وخطرا مما كانت عليه قبل عامين من بداية الانتفاضة الثانية. وفيما يتعلق بتحقيق هدف الدولة الفلسطينية، فإن الانتفاضة الثانية كانت فاشلة، وقد اصبح الفلسطينيون الان ابعد من تحقيق الدولة الفلسطينية مما كانوا عليه في عام 2000.

ولكن اذا نظر المرء الى الانتفاضة الثانية كوسيلة لمشاركة الاسرائيليين في بعض معاناة الفلسطينيين، فإن سجل العامين الماضيين يمكن ان يعتبر نجاحاً استراتيجياً بثمن مأساوي، فاليوم يشعر معظم الاسرائيليين بعدم الامان مما كانوا عليه من قبل.

لقد اشار بوش مرة او اكثر الى ارييل شارون كـ«صديق». وربما يقول البعض ان بوش، بوجود اصدقاء مثل هؤلاء، لا يحتاج لاعداء. وفي الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة إقناع العالم بأنه يجب على العراق الالتزام بقرارات الامم المتحدة، فإن شارون يتعمد تحدي المجتمع الدولي. فما يقوله في الواقع هو: وجود قانونين دوليين; الاول لصدام حسين والاخر لشارون.