عبث إسرائيلي.. وغياب فلسطيني

TT

التصرفات الاسرائيلية المتكررة تؤكد الاعتقاد أن شارون وأركان حكومته وجيشه لا يريدون السلام، وانما يريدون استسلاما فلسطينيا بعد تيئيس الناس وتخريب البلاد. لقد بات من الواضح ان شارون، الذي لا يخفي حقده الشخصي على الرئيس ياسر عرفات، لم ييأس بعد من اعتقاد يأسر تفكيره، وهو اعتقاد خلاصته انه كلما امعن في محاصرة الرئيس الفلسطيني وعزله، سهلّ الطريق امام بروز قيادة فلسطينية بديلة تحل محل عرفات. وفي سياق هذا التفكير، يواصل شارون خطط عزل عرفات وحصاره مع الاستمرار في توجيه المطالب اليه، مسبوقة ومتبوعة بافعال تنسف حتى قدرته على التنفيذ.

الواقع ان ما يعتقده شارون، وينفذه، لا ينم عن تفكير ذكي، ناهيك من ان يكون تفكيرا حكيما، بل هو فعل تدميري عبر تجميد اللحظة الزمنية، وهو ما لم يكتب لمثله النجاح في اية حالة مماثلة عبر التاريخ. بيد ان ثمة عاملين على الجانب الفلسطيني يسهمان في مساعدة شارون على مواصلة فوضاه التدميرية، من دون ان يقصد أي طرف فلسطيني، بالطبع، تقديم اية مساعدة لسياسات شارون. العامل الأول هو غياب التنسيق بين القوى الفلسطينية الناشطة على الارض. هذا الغياب يفتح ثغرات خطيرة، منها ما يمكن اعتباره ثغرة فوضى عمليات المقاومة وعدم التزامها بالخط السياسي للقيادة الفلسطينية، الامر الذي يوظفه شارون في مواصلة فوضاه التدميرية، وممارسات العزل والحصار ضد الرئيس عرفات.

العامل الثاني هو غياب الحيوية عن ساحة العمل السياسي الفلسطيني المحلي. لقد منح المجلس التشريعي تفويضا للرئيس عرفات بتشكيل حكومة جديدة بعدما رفض منح الثقة للحكومة السابقة، ولا شك ان تشكيل حكومة تحل محل حكومة رفضها ممثلو الشعب، يحتاج من الوقت ما يكفي لاجراء مشاورات مكثفة. لكن يبقى من المهم الا يطول هذا الوقت اكثر مما ينبغي، وان تتشكل حكومة فلسطينية جديدة معبرة عن اقصى درجات الوحدة الوطنية، وتكون قادرة على تحمل تبعات المرحلة، ومسؤوليات التعامل مع الوضع السياسي الاقليمي والدولي، خصوصا في ضوء التطورات المتسارعة في المنطقة.

لقد حان الوقت لكي يدرك شارون ان محاولاته اطاحة عرفات من خلال عزله وحصاره لم تنجح، بل ولن تنجح في المستقبل ايضا. ان استمرار شارون في هذا التفكير العقيم تضييع للوقت، هذا اذا كان عامل الوقت يهمه بالفعل.

وعلى الجانب الفلسطيني، حان الوقت ايضا للتسريع في ضخ دماء جديدة في الاجهزة التنفيذية بما يتيح تنشيط الدورة الدموية للفعل السياسي الفلسطيني، تجاوبا مع تطلعات الشارع، واثباتا للقدرة على التجديد في كل الظروف، وتفشيلا لمخططات شارون.