تحركات سياسية.. وعسكرية ايضاً

TT

كل الاضواء مركزة على مجلس الامن ومناقشاته الماراثونية لمشروع القرار البريطاني ـ الاميركي حول العراق، والولايات المتحدة تحديداً تخطف الاضواء وتركزها على التحرك السياسي وقد نجحت في ذلك، بينما يبدو ان التحرك العسكري على الارض يجري على قدم وساق وبسرعة ماراثونية.

واضح ان التنسيق العسكري مع تركيا قد تم بامتياز، وكل الاستهلاك السياسي في التصريحات التركية لا يعكس واقع أن التحالف العسكري الاميركي التركي هو من اولويات السياسية التركية، وان تركيا ستفتح اراضيها كاملة للقوات الاميركية.

ايران من جهتها، وعبر اكثر من وسيط، عبرت عن انها ليست حريصة على استمرار صدام حسين في الحكم، ولكنها تريد ترتيبات معينة كما حدث في الحرب في افغانستان، ومن هنا يأتي تصريح الاميرال شمخاني وزير الدفاع الايراني امس بان ايران لن تحتج اذا اخترقت الطائرات الاميركية الاجواء الايرانية في حالة ضربها لبغداد شريطة ان يكون ذلك بطريق الخطأ، وهو نفس التصريح الذي اعلنه شمخاني قبل ايام من العملية العسكرية الاميركية ضد طالبان في افغانستان.

تطور لافت آخر وهو لقاء الخصمين الكرديين التقليديين، الطالباني والبارزاني، واعلانهما التنسيق الكامل استكمالاً للمصالحة التي تمت بينهما. وبغض النظر عن تصريحات الطرفين حول تفعيل البرلمان الكردي المعطل، واجراء تنسيق سياسي بين الطرفين، فان الحقيقة التي لا يمكن اغفالها ان التنسيق الاميركي ـ التركي مع الطرفين قد تم استكماله، وان لقاء بين الرجلين في هذه الفترة الحساسة لا يمكن ان يكون لقاء مجاملة، او لقاء من اجل اصلاحات سياسية، ولكنه بالتأكيد لقاء عسكري من الدرجة الاولى تحسباً لما هو قادم، واستكمالاً لمباحثات واشنطن.

هناك حشد عسكري اميركي كبير في منطقة الخليج، وهناك حاملات طائرات اساسية وصلت او في طريقها الى المنطقة، واجواء الحرب يمكن ان يشهدها المواطن العادي وليس المراقب السياسي فقط.

من هنا تأتي خطورة ان تلعب الحكومة العراقية وتراهن على تناقضات الدول دائمة العضوية في مجلس الامن، ومن هنا تأتي خطورة الاعتقاد بان دولة مثل فرنسا او الصين او روسيا ستضحي بمصالحها الاستراتيجية مع اميركا من اجل العراق، ومن هنا يفترض ان تكون قراءة بغداد للتطورات بعيدة عن لغة العنتريات والمراهنات الخاسرة!!