آخر البرامكة

TT

«قلت للأميركيين إنهم إذا

كانوا لا يرغبون في التدخل

فإن البديل سيكون كارثة»

ـ محمود عباس ـ

قرَّبهم. وزَّرهم

خصهم بالمناصب

حمّلهم الحقائب

وزع عليهم المكاسب

أقطعهم «الفيلات» والضِياع

أطلق عنانهم وراء المغانم

كان هو هارون

فكانوا له الحاشية والبطانة

بات هارون الختيار المحاصر

فكانوا له البرامكة

التحقوا بالمعارضة

زايدوا عليه بالمطالبة

طالبوه بضرب الفساد

طالبوه بإنهاء المحسوبية

طالبوه بالديمقراطية

مسكين الرشيد هارون!

لا هو قادر على تحييد المعارضة

ولا هو قادر على ضرب البرامكة

*

محمود عباس آخر البرامكة

أبو مازن المبايع للخليفة

وأول المطالبين بالوزارة

وأول القائلين بالمشاورة

مع الأميركيين لضمان الرعاية

مع الإسرائيليين لتأمين الوقاية

مع القَطَريين لحفز الوساطة

مع الروس لإسكات المعارضة

*

التجربة تعلم الحكمة

يسقط الرهان على الخيار الإيراني

يكتشف الفلسطينيون الحقيقة

فلا غزة إيران

ولا الضفة جنوب لبنان

من عسكرة المقاومة

الى تسييس الانتفاضة

طفل الحجارة

أقوى من انتحار الشهادة

حوار فلسطيني بالديمقراطية

حتى الآن لا تخوين

ولا اتهامات بالتكفير

كلٌ ينادي على بضاعته

أبو مازن مع العقلنة

البرغوثي مع أبي مازن

ودحلان وسيط بين الاثنين

قريع مع اتجاه الريح

نبيل عمرو مع رياح اميركا

اليحيى مع غاندي

المناصرة مع اعتقال «الطخِّيخة»

*

الرئاسة عند العرب رقم صعب

لا تقبل القسمة على اثنين

ولا تقبل الجمع مع ثلاثة

ولا ترضى بقرار مع أربعة

يبقى رئيس الوزارة باشكاتب الإدارة

ممنوع من الصرف

وممنوع من الإعراب عن سياسة

انشغل ابو مازن بالتشكيل

فأقاله الرئيس قبل التكليف

وبَّخه على الانشغال بالمشاورات

بدلاً من الاشتغال بفك الحصار

*

أبو مازن آخر الحرس القديم

وأول «غرافيته» في المقاومة

برمكي لا هو مُعلَّق

ولا هو مُطلق

عقلاني وربما علماني

رجل صالون قليل الكلام

يعرف متى يظهر وينزوي

مفاوض يعقد الصفقات

ويترك المفاوضين يختلفون على التفاصيل

محترم اكثر مما هو محبوب

محترف بلا قاعدة

سياسي بلا شعبية

رئيس وزارة غير مكلَّف

مخضرم يستعجل الوزارة

وجه يحمل تضاريس الأزمة:

خيبة البرامكة

حزن الممارسة

شفتان مطبقتان على أسرار الكارثة

ونظارتان ذكيتان تلمعان في انتظار