إجنوبل وفرسانها

TT

لعل هذا هو التوقيت المناسب لنحيط من لا يعرف علما بوجود جوائز موازية لجائزة نوبل، واكثر كوميدية منها فالفضل الكوميدي المؤثر في تاريخ نوبل كان منح جائزة السلام لأشخاص من عينة رابين وبيريز في حين ان الجائزة الموازية واسمها «ig-Nobel» اكتفت بمنح الجائزة للبحرية البريطانية لقرارها الشجاع بالكف عن استخدام الذخيرة الحية في إطلاق مدافع الاحتفالات والاكتفاء بجندي جهوري الصوت يصرخ: Bang - Bang - Bang.

ونطام جائزة «ig-Noble» ليس معقدا، ولا مشروطا فهي تمنح في كل المجالات لكل من قدم انجازا أدبيا او علميا مضحكا او ساهم بجدية في الترفيه عن البشرية وافادتها، وهذا يعني ان الناس يجب ان يضحكوا أولا ثم ينتبهون لفائدة البحث. وهناك ملاحظة لا ترقى الى قوة الشرط وهي ان يكون البحث غير قابل للتكرار بعد لمسات وبصمات العبقري الأول، والفارس المبتكر الذي فكر بما لم يفكر به أحد قبله.

وسجل المنح لهذه الجائزة التي دخلت عامها الحادي عشر يبشر بمستقبل زاهر لأبحاث نادرا ما نفكر بها فقد حصل مايكل بيري ـ مثلا ـ من جامعة بريستول على جائزة «اجنوبل» في الفيزياء عن بحثه الرائد عن النتائج المغناطيسية المقارنة بين الضفادع ومصارعي السومو في حين حاز عليها عن علوم الكومبيوتر كريس نيسوندر عن اختراع برنامج يخبرك مسبقا ان كان هناك قطة تقترب من لائحة الازرار والحروف والتحكم في كومبيوترك الشخصي.

وهناك ابحاث اقل اهمية في علوم اخرى فازت بجواز «اجنوبل» مثل بحث بيتر براس الكندي الذي حصل على جائزة الطب عن تقرير يقترح فيه معالجات مبتكرة للجراح الناتجة عن سقوط ثمرة جوز الهند على الرأس، وهذا بحث كان يمكن ان يستفيد منه الكاتب المسرحي الاغريقي اسخيلوس الذي مات من جراء جوزة هند اسقطها طائر من السماء بينما كان الكاتب الدرامي الرائد يتنزه على شاطئ البحر في أثينا.

والجوائز الأدبية لا تغيب عن فرسان «اجنوبل» الميامين فقد فازت بها قبل عام الاسترالية ايلين جريف عن كتاب «الحياة تحت الضوء» الذي تثبت فيه بما لا يدع مجالا للشك اننا نستهلك اطعمة لا نحتاجها، وهو افضل قطعا من «اجنوبل» الأدب لعام 1998 التي فازت بها ماراسيدولي من واشنطن عن تقرير موثق يعالج ـ أعزكم الله ـ الاصوات المصحوبة برائحة الخارجة من جسم الانسان كحالة من حالات الدفاع الذاتي عما لا يمكن وصفه من شناعات.

وما لا يمكن وصفه يمكن شمه والانوف المدربة تقول ان لجنة جوائز «اجنوبل» تعرف كيف تختار ما يفيد الناس فقد منحت جائزة الصحة العامة لبحث عن انهيار نظام المراحيض في «غلاسكو» وجائزة الصحة النفسية لباحث من جامعة كونويل عن العنة وآثارها على الشخص حين ينظر الى المرأة في اليوم التالي كخراب مالطة والجائزة الأهم هي «مرشاش عدم الاخلاص» الذي ابتكره مخترع ياباني للزوجات ليساعد على دراسة وكشف أية متغيرات تطرأ على الملابس الداخلية للأزواج، وهناك ايضا جوائز تفيد المتدينين، فقد اوصت اللجنة الدائمة للجائزة قبل عامين بطبع بحث جاك ريكسيلا من جامعة ميتشيجان الذي يثبت فيه ان الثقب الأسود هو بوابة جهنم بالاضافة الى جائزة بعض الكتب الدينية المشكوك بصحة نسبتها الى مؤلفيها الحقيقيين.

وان صدقتم ان الباحثين يستطيعون قراءة الكتب الموثوقة فقط، وتحاشي المرور من البوابة الملتهبة لكنكم لا تستطيعون مهما حاولتم تحاشي حمى جوائز نوبل التي تصيب وسائل الاعلام العربية والعالمية هذا الاسبوع وتستمر تأثيراتها حتى موعد توزيع الجوائز في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وقبل ا نترككم وقبل أن نترككم لحمى نوبل نذكر بجائزتين هامتين «لاجنوبل» الأولى عن الابحاث الابتكارية وفاز بها أستاذ من جامعة سيدني قام باستفتاء عن السرة من حيث اللون والحجم والتأثير والثانية قانونية عن تأثير القوانين البريطانية على سلوك النعام، ولن يطول الوقت حتى نرى بحثا أدبيا يفوز بهذه الجائزة فان كان عربيا سيكون بلا شك عن بيض النعام في شعر الأعشى او عن بعر الآرام في طرديات لبيد وهذا انجاز يتقاتل حوله الف باحث في الجامعات العربية.

وان كنت من الذين ملوا نوبل وأخبارها وامراضها فعليك بكتاب هام عن هذه الجائزة المميزة اسمه «iG-Noble Prizes» لمؤلفه مارك ابراهامز الذي قدم كشفا بكافة الابحاث والتقاير والكتب التي فازت بجوائز «اجنوبل» منذ عام 1991 وفي الكتاب العجب العجاب من الافكار غير التقليدية التي لا يفكر بها العاديون الذين تمت قولبتهم حسب الكليشيهات الاجتماعية والثقافية والاعلامية السائدة.