باكستان تنتخب ومشَّرف يتزعم

TT

يذهب الباكستانيون اليوم الى الاقتراع في انتخابات متوقعة النتائج، الهدف منها تزكية ودعم ولاية الرجل الذي يلعب في هذه المرحلة، واحداً من اكثر الادوار اهمية في تاريخ شبه القارة، وربما في تاريخ آسيا. فالجنرال بيرفيز مشرف ليس حاكماً على باكستان متوترة فحسب، بل هو ايضاً السند وربما الشريك الاكبر في محاولة واسعة النطاق لاعادة نوع من الحكم المركزي القابل للاستمرار في افغانستان المجاورة. والدور الذي لعبه مشرّف في بداية الحملة الاميركية على «طالبان»، لا يزال مستمراً في البلدين. ولا يزال ايضاً غير معلن الحجم. لكن اعتقال ابن الشيبة في كراتشي وتسليمه الفوري الى الاميركيين، كان دليلاً على امرين: الاول ان جزءاً كبيراً من «القاعدة» لا يزال يتخفى ويعمل داخل باكستان نفسها، والثاني ان التعاون الاميركي ـ الباكستاني في ملاحقته، يبدو شبه مطلق. فجهاز الاستخبارات الباكستاني الذي اوصل «طالبان» الى كابل في الماضي، مدينة بعد مدينة، هو الذي يلعب الآن دور الدليل ومتقفي الآثار، في مطاردة حلفاء الامس.

وكيفما تطلع المرء في مضلعَّات الخريطة الآسيوية، يرى الجنرال مشرف في الوسط، وقد استطاع ان يبعد عن اسلام آباد الزعامتين المدنيتين الكبيرتين في البلاد: بنازير بوتو ونواز شريف. ويخوض الرئيسان السابقان المعركة من خلال ارثهما الحزبي النافذ، لكن الارجح ان المؤسسة العسكرية التي حكمت باكستان مباشرة طوال نصف الحقبة الاستقلالية، سوف تستمر في الحكم بزعامة مشرف. ولن تقدم الانتخابات النيابية او تؤخر في وضعه الشخصي بعدما ضمن لنفسه 5 سنوات اخرى في الحكم في استفتاء ابريل (نيسان) الماضي. غير ان خروج المعارضة ضعيفة من غرف الاقتراع، سوف يرفع من صورته «الشعبية». وفي اغسطس (آب) الماضي زاد من تحصين وضعه بادخال 23 تعديلاً على دستور 1973 اصدرها بمراسيم جمهورية، ومعظمها يهدف الى ابقاء اليد الطولى للجيش، واعطاء الرئيس حق حل البرلمان المنتخب اليوم اذا لم ترق له النتائج، بالاضافة الى حق تعيين قضاة المحكمة العليا وقادة القوات المسلحة.

هذا لا يعني ان المعارضة المتعددة الوجوه، يمكن تخطيها بسهولة. فالاحزاب والجماعات الدينية تلتقي هذه المرة بالاحزاب والجماعات السياسية في جانب واحد، كما يقول خبير الشؤون الآسيوية الكاتب احمد رشيد. والصورة الوطنية العامة مليئة بالثقوب والخروق: البطالة ذات معدل هائل، وحوالي 40% من الباكستانيين (56 مليونا) يعيشون تحت حزام الفقر. لذلك يحاول مشرف التعويض باعطاء نفسه صورة الرجل القوي، ليس فقط في ملاحقة «طالبان» بل في اتخاذ مواقف قومية جادة في كشمير. وخلال الاسبوع الماضي وحده اطلقت باكستان صاروخين من طراز «شاهين» العابر القارات، عشية الموعد الانتخابي. وكان مشرف قد قاد بنفسه حملة داخل كشمير العام 1999 عندما كان لا يزال رئيساً للاركان، غير انه لا يريد الآن الذهاب الى الدرجة التي يدفعه اليها المتشددون، اي الذهاب الى الحرب ضد الهند، بحيث يتسنى للضباط الموالين لهم القيام بانقلاب من اجل السلطة. ففي الجانب الآخر لا تنظر الهند الى تجارب الصواريخ على انها معركة انتخابية بل على انها حرب محتملة.