أولويات مرحلة جديدة في المغرب

TT

رسم العاهل المغربي الملك محمد السادس الخطوط العريضة لبرنامج الولاية التشريعية الجديدة، التي افتتح اعمالها اول من امس بخطاب ضمنه الأولويات الكبرى التي على البرلمان الحالي والحكومة المقبلة الانكباب عليها لانجازها. ويتعلق الامر بأربعة مواضيع اساسية تتمثل في: فرص العمل، التنمية الاقتصادية، اصلاح التعليم، وتوفير السكن اللائق.

تجدر الاشارة هنا الى ان هذه القضايا الاربع كانت ضمن برنامج الحكومة السابقة، التي بذلت جهدا ملحوظا في تلبية تطلعات المغاربة في المجالات المشار اليها، بيد ان ما أُنجز لا يلغي حقيقة انه ما زال هناك الكثير من الجهد المطلوب للقضاء على الفقر والتهميش والامية، وكلها آفات متداخلة وتعطل الانطلاقة الاقتصادية للمغرب.

لقد حدد الملك محمد السادس في خطابه أمام البرلمان اولويات المرحلة المقبلة بدقة في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي. وهذه الاشارة وردت ايضا في بيان تعيين رئيس جديد للحكومة، من خلال التركيز على البعدين الاقتصادي والاجتماعي كدافعين للانتقال الديمقراطي.

حقا، ان مشاكل المغرب كثيرة، ويتفق معظم المراقبين على ان اسبابها ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية، قبل ان تكون سياسية، ومن هنا جاءت دعوة العاهل المغربي الى ضرورة التعبئة من اجل رفع التحديات وترسيخ ثقة المغاربة بمستقبل بلادهم حتى تعود الثقة الى النفوس المحرومة في مغرب الأعماق، كما قال الملك محمد السادس.

في هذا الكلام اشارة واضحة للاحزاب السياسية لوضع خلافاتها السياسية جانباً، والانخراط في العمل الجدي من اجل تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية الضيقة، وهو ما اعتبره مراقبون داخل المغرب وخارجه انتقادا ضمنيا للتجربة البرلمانية السابقة، خاصة عندما دعا العاهل المغربي الى ضرورة تجاوز «المزايدات الفارغة والمجادلات العقيمة، التي لن تشغل عاطلا، او تعلم اميا، او تنصف مظلوما، او تصون كرامة محروم».

ويمكن القول ان لغة الخطاب الملكي بدت مباشرة وصادمة في الوقت نفسه، خصوصا عندما تحدثت عن معادلة الديمقراطية ـ الفقر ـ الامية، وفي ذلك اشارة الى ما تشهده الساحة السياسة المغربية من نقاش حول تعيين رئيس حكومة تكنوقراطي، اذ ان هذا التعيين أثار ردود فعل متفاوتة في اوساط الاحزاب السياسية، كان اقواها تحفظ الاتحاد الاشتراكي، الذي قاد التحالف الحكومي المنتهية ولايته. لقد مثل هذا التحفظ اعتراضا سياسيا حضاريا، رغم ان قرار التعيين يستند الى الدستور الذي لا يشترط ان يكون رئيس الحكومة منتميا لحزب. والواقع ان الاتحاد الاشتراكي، بتسجيله تحفظه السياسي على قرار دستوري، سيجد نفسه، وبقية القوى السياسية المغربية، مدعوين للاستجابة الى النداء الذي تضمنه خطاب العاهل المغربي لمواجهة تحديات مغرب المستقبل اقتصاديا واجتماعيا.