هل السعوديون أعداء للأميركيين؟

TT

نجح أسامة بن لادن، إلى درجة كبيرة، في تحقيق واحد من أهدافه على الأقل: خلق صدع بين الولايات المتحدة والسعودية. هذا الاحتمال الذي راهن عليه بن لادن بمكر شديد عن طريق اختيار خمسة عشر سعوديا من التسعة عشر الذين شاركوا في هجمات 11 سبتمبر والذين لعبوا دور العضلات، على الرغم من أن قيادة المجموعة الانتحارية كانت للمصري محمد عطا، والعناصر البارزة كانت من لبنان والإمارات العربية المتحدة. ولتنظيم «القاعدة» الكثير من اليمنيين والكويتيين والمغاربيين الذين كان بالإمكان إشراكهم بهجمات 11 سبتمبر بدلا من السعوديين، لكن «القاعدة» قررت اختيار المشاة من السعوديين.

يبدو أن الخطة نجحت إذا كان ذلك هو الهدف، فالصداقة التي تجمع البلدين والتي يبلغ عمرها ستين عاما أصبحت اليوم في وضع مهزوز، وقد تصبح في وضع أكثر سوءا إذا قامت الولايات المتحدة بغزو العراق خلال الأشهر المقبلة. ونتيجة لذلك أصبح السعوديون يحملون مشاعر عدائية للأميركيين بنفس القدر الذي يشعر به الأميركيون لهم.

وقال المهندس السعودي سليمان البوثي مبررا ذلك: «السبب الأول هو الدعم غير المحدود الذي تقدمه أميركا لإسرائيل، ثم هناك الإجراءات الأمنية الداخلية وهانحن نسمع بأن كل السعوديين في الولايات المتحدة ستؤخذ بصمات أصابعهم».

ويشترك في قناعات البوثي الكثير من السعوديين، ففي اقتراع أجراه «معهد الزغبي الدولي» وُجد أن 87 في المائة من السعوديين لديهم وجهات نظر سلبية تجاه الولايات المتحدة.

بل حتى بين السعوديين الذين عاشوا عدة سنوات في الولايات المتحدة، هناك شعور بخذلان الأميركيين لهم يتماثل مع ما يشعر الطرف الآخر به تجاه السعوديين. وأينما ذهبتُ في السعودية التقي بأناس تعلموا في الولايات المتحدة وحالما يتذكرون سنوات إقامتهم في مدينة كنساس أو شيكاغو أو بورتلاند حتى تتألق عيونهم بالذكريات، كيف وُلد أطفالهم هناك، وكيف أن جيرانهم كانوا ألطف بشر في العالم، لكنهم يبتدئون بالتشكي بمرارة من أن الأميركيين راحوا يفترون عليهم معتبرين إياهم إرهابيين، ليحرموهم من الحصول على تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة، وليمضوا في تشويه سمعة بلدهم.

وقال فهد السلمي من مجلس الغرف التجارية للتجارة والصناعة متشكيا: «الآن أصبح كل السعوديين مذنبين، ولا يرحَّب بهم. معظم السعوديين تعلموا في الولايات المتحدة، وهي بلدنا الثاني، لذلك فهذا يبعث على الشعور بالإحباط».

هناك الكثير من الأمور التي يمكن انتقاد السعودية عليها، لكن هذه الرؤية التي تضعها عدوا خطيرا للولايات المتحدة تتجاوز كثيرا حدود العقل. بالتأكيد يتحمل النظام السعودي قدرا من المسؤولية تجاه ظهور الإرهابيين الأصوليين. فالسعوديون جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة غذيا الإسلام الأصولي في فترة الستينات لمواجهة الناصريين واليساريين في العالم العربي. وكانت السعودية بناء على طلب أميركي قد دعمت الجهاد ضد القوات السوفياتية في أفغانستان، لتتشكل على أساسه الأرضية التي نمت فوقها «القاعدة».

ولاحقا راح رجال الأعمال السعوديون الطامحون بكسب الهيبة والاحترام بتقديم الدعم المالي للجمعيات الخيرية لدعم انتشار التطرف في أكثر أجزاء العالم الإسلامي، بنفس الطريقة التي دعم الأميركيون المتحمسون والمضلَّلون إرهاب منظمة «الجيش الجمهوري الآيرلندي» السرية في فترة السبعينات والثمانينات، لكن الحكومات الأميركية ظلت تتظاهر بأنها لا تعرف.

بالإمكان انتقاد السعوديين بشكل معتدل على تجاهلهم لما ظل رجال الدين يبثون في المدارس من هراء سام حول الأجانب. لكننا نحتاج أيضا إلى قدر من الحس السليم في المناقشة. وبالنسبة لي، فإن أي اتهام قاس للسعودية بأنها دولة إرهابية يبدو مفتقدا للتوازن ويشبه كثيرا هذيان الأصوليين السعوديين المؤمنين بنظرية المؤامرة.

* خدمة نيويورك تايمز خاص بـ«الشرق الأوسط»