خطوة إلى الأمام في البحرين

TT

ليس هناك اجمل من مشاهدة الناخبين وهم يدلون بأصواتهم في انتخابات حرة لأول مرة، خصوصا في العالم العربي، حيث الانتخابات تعد ممارسة نادرة. هذا ما حدث في البحرين يوم الخميس الماضي حيث ادلى الناخبون بأصواتهم لانتخاب برلمان يشارك ملك البلاد الشاب، الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، في عملية صنع القرار.

لعل المنظر الذي اثار اهتمامي لدى مروري على مراكز الاقتراع هو عدد النساء الكبار في السن اللائي حضرن للإدلاء بأصواتهن. رأيتهن يطالعن اولا في صورة المرشح الذي يعتزمن التصويت لمصلحته قبل عملية الاقتراع. اصطحبت احدى الناخبات بعض احفادها معها وخلال عملية الإدلاء بصوتها كان حفيد لها عمره حوالي عشر سنوات يشرح لشقيقاته اللائي يصغرنه سنا بعض المعلومات حول حجرة الاقتراع. هكذا تزرع بذور الديمقراطية. زوجة الملك، اتخذت خطوة غير مسبوقة في هذه المنطقة المحافظة اذ حثت النساء على المشاركة في الانتخابات والتوجه الى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهن. كما زارت مركزا للشيعة حيث وقفت سيدة كبيرة السن وتوجهت اليها بالشكر قائلة: «شكرا لك، فقد صار بوسعنا ان نصوت، كما ان ازواجنا طلبوا معرفة وجهة نظرنا وابدوا اهتماما بما يجب ان نقول».

ليس ثمة شك ان ملك البحرين ظل يخطط لهذا التحول الدستوري على مدى عدة سنوات كجزء من خطوة لترقية النمو الاقتصادي والتغلب على التوتر بين السنة والشيعة. فقد مهد الطريق بإطلاق سراح الموقوفين السياسيين، ودعوة المعارضين في الخارج للعودة الى البلاد، وتخفيف القيود على الصحافة، وإبطال القوانين التي تسمح بالاعتقالات التعسفية. ومع ذلك، فإن انتخابات البحرين لها دلالات ومضامين اكبر من ذلك، فهي تتعلق بكيفية مواجهة العرب للقوى التي افرزت 11 سبتمبر .2001 فما توصل اليه المسؤولون العرب يتلخص في انه مع الضغوط المتزايدة للعولمة، والانفجار السكاني، وتراجع عائدات النفط، فإن القبول بالركود السياسي والاقتصادي لم يعد امرا يمكن تحمله، وانه لا بد من ترتيب البيت من الداخل مع اتباع نهج اكثر ديمقراطية.

لم يذكر شخص واحد ممن تحدثت معهم في مراكز الاقتراع السياسة الخارجية، فقد تحدثت الغالبية حول املها في ان يساعد البرلمان في تحسين اقتصاد البلاد وانهاء الفساد واعطاء الشعب صوتا. فقد قال لي احدهم ان العمل من حولنا يتغير ولا يمكن ان يظل الناس يتفرجون دون ان يكون لهم منبر يعبرون من خلاله عن وجهات نظرهم. إن فريق الرئيس بوش في حاجة الى الاهتمام بتجربة البحرين لأنها تمثل نموذجاً مصغراً لما يمكن ان تتطلبه عملية البناء القومي في العراق.

بانتخاب برلمان وتعيين آخر، يكون ملك البحرين قد اتخذ اول خطوة للمشاركة في صنع القرار، ورعاية ثقافة سياسية تساعد البلاد في التقدم الى الامام من خلال بناء ائتلافات عبر مختلف الاثنيات. العراق ايضا في حاجة الى نفس الخطوة ولكن على مستوى اوسع.

لقد سمعت رئيس هارفارد، لورانس سامرز، يقول: «لا يغسل احد سيارة مستأجرة». ينطبق الشيء ذاته على الدول. ويشعر الكثير من العرب اليوم بأنهم مستأجرون لحكوماتهم، ولا يشعرون بالتالي بالمسؤولية تجاه حل مشاكلهم. البحرين اتخذت من جانبها خطوة اولى الاسبوع الماضي باتجاه اعطاء الشعب البحريني المسؤولية، ويأمل المرء ان يحرصوا على تحسينها وترقيتها. هناك أمل.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»