الملك فهد بن عبد العزيز والتعليم

TT

اصدرت وزارة المعارف في العام الماضي سفراً ضخماً بعنوان: «فهد بن عبد العزيز، وزيراً للمعارف». وقد جاء الكتاب في اربعة فصول: تحدث الأول عن نشأة العاهل الجليل وفكره التربوي، ولخص الفصل الثاني في صفحات اهم ما انجز في عهده الميمون وزيراً للمعارف، وكان عنوان الفصل الثالث: التعليم بين عهد الفهد اميراً ووزيراً للمعارف، وعهده ملكاً، وجاء الفصل الرابع شائقاً رائقاً يتحدث عن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بأقلام ابنائه ومعاصريه.

إذا كان للعاملين على عملهم فضلهم الذي لا ينكر، وللبانين على بنائهم جهدهم الذي يذكر ويشكر، فان فضل القادة الرادة يُضاعف لهم عليه الذكر والثناء، والوفاء والدعاء، خاصة اذا كان عملهم هو السنة الحسنة التي يدوم عطاؤها، والشجرة الطيبة التي ينتشر ويعم ظلها. وأي شجرة اوسع ظلاً من شجرة العلم التي بنيت على كلمة التوحيد، (أصلها ثابت، وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها)؟!

وأي سنة احسن من اقامة أسس التعليم، وإرساء دعائمه في دولة فتية، رفعت راية خضراء تزهو وتسمو بأقدس وأشرف شعار، لا تدانيها راية، ولا يساميها علم.

لقد ازددت علماً ويقيناً ـ بعد ان كلّفت وشرفت بالعمل في وزارة المعارف ـ ان جُلّ ما تم التوصل اليه، وما تحقق ـ بتوفيق الله ـ من انجازات في التربية والتعليم بذر بذوره، وغرس غراسه، وأسس أسسه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ حينما كان الوزير الأول للمعارف، يستوي في ذلك: بناء المدارس، ووضع المقررات والمناهج، ثم تعديلها وتحديثها، وتدريب المعلمين، وما الى ذلك، بل ان سياسة التعليم ذاتها ـ التي نفخر بها، ونعتز بسموها، وعمقها، وشمولها ـ صدرت بقرار من مجلس الوزراء الموقر، كان هو ـ حفظه الله ـ وراء صدوره.

وترك فهد بن عبد العزيز وزارة المعارف الى مواقع اخرى من مسؤولياته الجسام، فهل انقطع اهتمامه ودعمه للتعليم؟ لا، شهد الله، فقد كان دائم العناية، والرعاية، والتوجيه لمسيرة التربية والتعليم، وحسبي دليلاً على ذلك انني ـ وسواي من رجال التعليم ـ لا نزال نقتبس من كلامه، ونستشهد بتوجيهه ـ رعاه الله ـ في كل مناسبة، من مثل قوله:

«ينبغي ان يعرف الجميع ان الانفاق على التعليم يقع في اعلى سلم اولويات الانفاق».

ولا يظنن ظان ان جهود خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ قد اقتصرت على التعليم العام، بل تعدته الى التعليم العالي: ويدري العارفون انه كان وراء انشاء جامعة الملك سعود، وهو الذي رد على من قال: ان انشاء جامعة متكاملة امر باهظ التكاليف، وخير لنا ان نبتعث ثلة من ابنائنا الى الخارج يتعلمون ويرجعون الينا! فكان جوابه: ان التعليم لا يثمن بالمال، ولا تُقابل الارقام بالرجال! وما اصدق ما قال!

حفظ الله لبلادنا امنها واستقرارها وأدام عليها نعمه، في ظل توجيهات خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني، وفقهم الله، إنه أكرم مسؤول.

*وزير المعارف