القيادة بلا تأهيل

TT

قد تبدو مهنة قيادة سيارات الاجرة لا تستحق كل هذا الضجيج الصادر حولها في الصحافة السعودية، لكنها في الواقع ليست الا امتحانا مهما، ان نجحت نجحت الافكار المماثلة لها وان فشلت فليُعد النظر في كل ما هو على القائمة الطويلة.

وملخص الموضوع ان معظم الخمسة وعشرين الف سيارة اجرة في السعودية يقودها اجانب، في حين ان هناك تقديرات تقول بأن اكثر من 13 في المائة من السعوديين بلا عمل، وهذا ما دفع الجهات المختلفة لوضع حصص، او حصر بعض المهن بالسعوديين من قبيل تأمين الوظائف لهم في سوق تنافسية صعبة.

ولا اعتقد ان احدا يعترض على مبدأ اعطاء دفة القيادة لأبناء البلد، فهذا عرف شائع في كل مكان من العالم، وهو واجب السلطات المحلية ايضا بتوسيع دائرة الوظائف، انما الاعتراضات ستعلو اصواتها لاحقا في مسائل لها علاقة بتنظيم المهنة وتأهيل الناس. واعتقد ان تنظيم المهنة يمر بسلاسة والخطوات التي بدئ بها تبدو علمية وسليمة، اما تأهيل المرشحين لهذه الوظائف فأعتقد انه مكمن الداء ويعكس بصفة عامة خطأ في فهم طبيعة الوظائف التي يعتقد البعض انها سهلة لا تحتاج سوى رخص قيادة.

فهناك ظن شائع ان الوظائف البسيطة لا تحتاج الا الى الحضور، في حين ان جميع المهن من مختبرات الطاقة الذرية الى تنظيف الشوارع تتطلب تأهيلا وتدريبا.

قيادة سيارات الاجرة نموذج لسوء فهم توظيف الشباب من خلال رميهم في ساحة العمل، بلا حفظ لخرائط الطرق والمواقع، ولا امتحانات حقيقية للتعامل مع واجبات المهنة، وبالتالي سيزج بعشرة آلاف مواطن في الشوارع في فوضى عارمة تدفع الناس الى كراهيتهم وكراهية فكرة السعودة لانها دليل على الخدمة السيئة، كما اعتاد الناس على قول ذلك بسبب معاناتهم.

ان فرض فكرة لا يكفي ان تتم من فوق، اي بقرار الحكومة، بل يفترض ان تتواءم مع حقائق الأرض، لا مفر ابدا من تدريب هذه الآلاف على المهنة لأشهر واشتراط اجتياز الامتحان العملي والنظري قبل السماح لهم بالعمل. وفرض فكرة العمل يفترض ان يدفع إلى إعادة دراسة الآثار الناجمة عن القرار ومعرفة اين الخلل حيث بلغت الشكوى من تحول الوظائف الى المواطنين ظاهرة لا يمكن تجاهلها، ليس لأن الناس لا تريد ان ترى ابناءها تعمل بل لانها تعتقد ان هناك خللا في تأهيلهم. وهذا الخلل واضح في كثير من المهن التي تحتاج الى تدريب، على الحكومة ان تدفع كامل تكاليفه ضمن برامجها التوظيفية الجديدة.