الإرهاب والمسألة الديمقراطية

TT

عندما نتأمل أهم القضايا التي تعاملت معها وسائل الإعلام في عدد من الدول العربية خلال الإسبوع الماضي، سنلحظ تناقضا. ففي مصر، طالعتنا الأنباء بأن محطة التلفزيون المملوكة للدولة تخطط لبث مسلسل مكون من 41 حلقة خلال شهر رمضان ـ الذي تبلغ فيه مشاهدة التلفزيون حدها الأقصى ـ يدور حول مؤامرة صهيونية للسيطرة على أراض عربية. وفي البحرين، تابعنا أنباء نجاح أول انتخابات نيايبة ديمقراطية، ستكون مقدمة لتمكين أبناء البحرين من إدارة شؤون بلادهم.

النموذج الأول، يعكس اتجاها لتعزيز نظريات المؤامرة. أما بالنسبة للنموذج البحريني ، فيبدو أن هناك اتجاها لدفع الشعب نحو تحمل مسؤولياته بحيث تصبح الصحافة أكثر حرية وبحيث تتعزز قدراتهم في تشكيل مستقبلهم وتحفيز همهم وهم يسعون للحاق بالعالم.

ولابد ان الأميركيين يتحملون مسؤولية كبرى في مضي تجربة البحرين الديمقراطية إلى الأمام. لماذا؟ لأنه ليس بإمكان المرء أن يشك في أن الغضب في أوساط العرب اليوم ـ والذي انفجر يوم الحادي عشر من سبتمبر ـ مكمنه إلى حد ما، دعم الولايات المتحدة لكل ما تفعله إسرائيل. وهذا الغضب حقيقي، لكنه ناتج أيضا عن اسلوب السيطرة على جيل الشباب في العديد من الدول العربية من دون أن يكون لهذا الجيل صوت مسموع، أو أن تتوفر له وسائل النجاح في العالم الحديث.

لقد اشتركت للتو في حوار حول الديمقراطية في العالم العربي بثته احدى الفضائيات العربية، ونتيجة لذلك وجدت نفسي أقف أمام العديد من أولئك الذين أرادوا التحدث معي حول رأيهم في الموضوع. وهذه امثلة لما سمعت من بعض الذين تحدثت معهم: قال لي مواطن عربي التقيته في ردهة الفندق: أنا من الكويت، أردت فقط أن أقول لك إننا من دون الديمقراطية تائهون. مقاول في ميناء البحرين الجوي سألني: هل تعتقد إن ماحدث في البحرين يمكن أن ينتشر إلى بلدان اخرى؟ شاب بحريني يعمل في أحد المصارف قال لي: بدلا من تعزيز ثقافة الإبداع، ما تزال مدارسنا العامة تعلمنا ثلاثة أشياء، القراءة والمذاكرة والاجترار. وأخيرا، أوقفني إثنان من رجال البحرين عند الشاطئ ليحدثاني عن مدى فخرهما باستقطاب انتخابات البحرين الصغيرة لاهتمام نشرة الأنباء العالمية التي تبثها قناة «سي. إن. إن» حيث قالا: لقد حظيت ديمقراطيتنا باهتمام «سي. إن. إن». وقد توجب علي الابتسام . فقد ظهرت البحرين في أخبار «سي. إن. إن» لآخر مرة خلال شهر إبريل (نيسان) الماضي عندما قتل شاب بحريني وهو يحاول اقتحام مبنى سفارة الولايات المتحدة خلال مظاهرة معادية لأميركا.

وتلك هي النقطة المهمة. كيف يمكن للشباب العربي الشعور بمكانتهم؟ بإجراء الانتخابات أم باحتجاز الرهائن؟ بمهاجمة السفارات أم باقتحام كبائن الاقتراع؟ بمنحهم فرصة التعبير عن آرائهم وعن قدراتهم لتحقيق النجاح أم بإسكاتهم بالاموال والحفاظ على قلة حيلتهم؟

هذه أسئلة حيوية. واذا سمح للناس التحدث عنها بحرية فسيفعلون.

*خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»