حسابات الربح والخسارة الانتخابية في إسرائيل

TT

استقالة رئيس حزب العمل الاسرائيلي بنيامين بن اليعزر ـ ووزرائه ـ من حكومة ارييل شارون، بسبب معارضتهم حجم الاعتمادات المالية المخصصة للمستوطنات اليهودية غير الشرعية في الضفة والقطاع، قد يصح ادراجها في خانة الموقف المبدئي، ولو المتأخر، في رؤية حزب الليكود لمستقبل التسوية النهائية مع السلطة الفلسطينية، على اعتبار ان مصير المستوطنات لا يزال عقبة رئيسية لأي تسوية منتظرة.

ولكن، قبل التهليل لهذا الموقف «المبدئي» في ظاهره، لا بد من وضعه في اطاره الاسرائيلي الداخلي وفي هذا التوقيت بالذات.

على هذا الصعيد، يصعب تجاهل المردود الاعلامي لموقف حزب العمل عشية الحديث عن انتخابات مبكرة، خصوصا ان أحدث الاستطلاعات للرأي العام الاسرائيلي يظهر ان 60 في المائة من الاسرائيليين يحبذون استئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين فورا، وان المستوطنات هي العائق الرئيسي بوجهها.

والمعروف عن المستوطنين ان معظمهم من غلاة الليكوديين ومن الناخبين التقليديين لشارون والاحزاب القومية ـ الدينية، وبالتالي لن تؤدي معاداتهم الى فقدان حزب العمل ناخبين بينهم بقدر ما قد تكسبه آخرين من خارج تكتلاتهم.

مع ذلك يبقى، السؤال المطروح: الى اي مدى ستساهم استقالة حزب العمل من حكومة شارون في خفض الاعتمادات المالية المخصصة للمستوطنات؟

من الصعب معرفة حجم الأموال التي تذهب «للمستوطنين» في اسرائيل على اعتبار انه لم تخصص لهم حقيبة وزارية في اي من الحكومات الاسرائيلية السابقة. ولذلك بقي تمويلهم موزعا على ميزانيات عدة وزارات، وبقي حجم التقديمات المعطاة لهم مرتبطا بمدى تعاطف الوزير المسؤول مع مطالبهم.

على سبيل المثال، يتقلد وزير الشؤون الدينية، اسحق ليفي، حقيبة وزارة السياحة، وبهذه الصفة ينفق بسخاء على المستوطنات لأنه يعتبر ان تطوير السياحة في الأراضي الفلسطينية المحتلة احد اولويات وزارته.

وعلى سبيل المثال ايضا، تمول وزارة الدفاع ـ وليس وزارة الاشغال العامة ـ بناء الطرق الالتفافية المؤدية الى المستوطنات، فيما تخصص وزارة الشؤون الدينية 50 مليون شيقل لبناء كنيس في الاراضي المحتلة، وتمنح وزارة التربية حسما بنسبة 90 في المائة لاقامة حضانات للأطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 3 و4 سنوات، وتعفي طلاب المستوطنات من الأقساط المدرسية الى يوم تخرجهم.

باختصار، انسحاب وزراء حزب العمل من حكومة ارييل شارون، لن يؤخر او يقدم في مدى الدعم الذي يتلقاه المستوطنون في الأراضي المحتلة، إلا انه يسجل سبقا انتخابيا لحزب العمل اذا بقي مزاج الناخب الاسرائيلي متبرما من العقبة الاستيطانية للسلام... لغاية اجراء الانتخابات الجديدة.