الأصل الإسلامي لكل الفرائض والتكاليف

TT

إن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي الاصل الإسلامي لكل فرائض وتكاليف المشاركة في العمل العام.. من اماطة الأذى عن الطريق الى الحسبة، الى ولاية أمر الأمة في الأمانة العظمى لأمة الإسلام ودار الإسلام.

وفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جاء التكليف بها للأمة ـ لا لفرد أو طبقة أو نخبة ـ وللرجال والنساء جميعا متناصرين متكافئين في النهوض بجميع تكاليف وولايات هذا العمل العام «والمؤمنون والمؤمنات بعضم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله، ان الله عزيز حكيم» ـ التوبة: 71.

ولقد جاء الإسلام فوجد أغلبية النساء يعاملن معاملة سقط المتاع.. فبعضهن يوأدن وأدا ماديا، وأغلبهن يوأدن وأدا معنويا وأدبيا.. ولأن الإسلام في جوهره، هو احياء وتحرير، ووضع وتحطيم للآصار والأغلال التي كبلت الناس، رجالا ونساء، فلقد شمل بالتحرير والاحياء كلا من الرجال والنساء، فشارك الجميع في العمل الاجتماعي والعام من الولايات الدينية في الفقه والرواية والافتاء وحتى الجهاد القتالي في سبيل الله.

وعندما تراجعت الحضارة الاسلامية، تراجع فيها سلطان الأمة، رجالا ونساء، وإن كانت النساء قد حملن من القيود والمظالم أكثر مما حمل الرجال.. ولذلك أولت اجتهادات ومشاريع النهوض الإسلامي الحديث عناية خاصة لإنصاف المرأة وتحريرها.. فكتب الإمام محمد عبده يقول: «إن الأمة تتكون من البيوت (العائلات)، فصلاحها صلاحها، ومن لم يكن له بيت لا تكون له أمة.. والرجل والمرأة يتماثلان في الحقوق والأعمال، كما انهما يتماثلان في الذات والشعور والعقل. والآية القرآنية «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف» هي قاعدة كلية ناطقة بأن المرأة مساوية للرجل في جميع الحقوق، إلا أمرا واحدا عبر عنه بقوله «وللرجال عليهن درجة» البقرة: 228. وهذا الأمر ـ القوامة ـ يوجب على المرأة شيئا وعلى الرجل أشياء، ذلك ان الحياة الزوجية حياة اجتماعية، ولا بد لكل اجتماع من رئيس، يرجع الى رأيه في الخلاف، كي لا تنفصم عروة الوحدة الجامعة ويختل النظام.. والرئاسة هنا ارشاد ومراقبة وملاحظة، وليست قهرا ولا سلبا للارادة.. فالمرأة من الرجل والرجل من المرأة بمنزلة الاعضاء من بدن الشخص الواحد، فالرجل بمنزلة الرأس والمرأة بمنزلة البدن.. وكلاهما بشر تام، له عقل يتفكر في مصالحه، وقلب يحب ما يلائمه ويسر به ويكره ما لا يلائمه وينفر منه، فليس من العدل ان يتحكم احد الصنفين بالآخر ويتخذه عبدا يستذله ويستخدمه في مصالحه، لا سيما بعد عقد الزوجية والدخول في الحياة المشتركة التي لا تكون سعيدة الا باحترام كل من الزوجين للآخر والقيام بحقوقه، اما الرجال الذين يحاولون بظلم النساء ان يكونوا سادة في بيوتهم، فإنهم انما يلدون عبيدا لغيرهم!..».

إنها دعوة لانصاف المرأة، ومساواتها بالرجل، مع الحفاظ على فطرة تمايز الأنوثة عن الذكورة، كما أراد الله.