اللاذقانية الصغيرة!

TT

نادرا ما تورث الموهبة.. ومهما هرشت رأسك واجهدت ذاكرتك فلن تسعفك بأكثر من ثلاث او اربعة اسماء تسللت الى الابن او البنت فيها صفات الاب الموهوب او الام الموهوبة.. فالموهبة فلتة من فلتات الطبيعة قليلا ما تتكرر.. والعبقرية صدفة.. نادرا ما تورث.

ولا اظن ان صديقنا الشاعر والكاتب الموهوب محيي الدين اللاذقاني فكر او قرر او قصد ان يورث موهبته لابنته.. لانه يعرف ان التفكير لا يكفي.. وان القرار ليس بيده.. وان القصد لا يملكه.

ولا بد انه مثلنا فوجئ بالانامل الصغيرة التي طالما داعبت لحيته المتميزة تداعب اقلام الرصاص والحبر.. وتقتحم وادي عبقر وتسير في الدروب التي شهدت قبل مولدها بآلاف السنين الشعراء وهم ينقبون في صخور الجبل القاسية للحصول على بعض فصوص الماس والزمرد والعقيق يقدمونها الى عشاق الشعر على اطباق الاحلام.

«عائشة» او «عيشا» او «عيشة» ابنته ذات الاربعة عشرة ربيعا تدق ابواب مملكة الشعر بديوانها الصغير «عالم من الاحلام».. ليس حتى باللغة العربية.. ولكن بالانجليزية.. والشعر كما نعرف هو لغة داخل لغة.. لغة خاصة لها شروطها.. فلا بد ان الشاعرة الصغيرة قد اجتازت تخوم اللغة الانجليزية حتى تصل الى لغتها الخاصة داخل هذه اللغة.

قرأت قصائدها.. وقرأت رأي النقاد فيها فأحسست انني امام ظاهرة شعرية حقيقية.. اذن فقد تحققت الصدفة وجاءت الفلتة.

شعر بسيط هامس.. حالم.. لا بد انه يستوفي شروط الشعر من ايقاع ووزن.. مع سحابة من الاحلام والخيال.. وقلبي معها وهي تجلس في الصف الشعري الاول ترفع رأسها عاليا.. لترى اين يقودها الشعر.. او اين تقود هي الشعر.