التوضيح الأوروبي المطلوب بعد الوضوح الأميركي

TT

عبّر عدد من الديبلوماسيين في الامم المتحدة عن ثقتهم باحتمال صدور قرار دولي جديد اليوم، يفتح المجال امام عودة المفتشين الى العراق خلال اسبوعين، وذكروا ان رئيس المفتشين هانز بليكس سيتوجه الاسبوع المقبل الى بغداد.

فرنسا وروسيا ما زالتا قلقتين من ان تدفع الكلمات الغامضة التفسير في القرار، الولايات المتحدة الى شن الحرب لاحقا على العراق لقلب النظام فيه. وردت الولايات المتحدة، انما بغير وضوح، بان القرار الجديد ليس بالتحديد لشن حرب على العراق بل لتجريده من اسلحة الدمار الشامل.

وقال ريتشارد ارميتاج نائب وزير الخارجية الاميركي، انه اذا تم ذلك، فكأن النظام العراقي قد تم تغييره من دون الاطاحة بصدام حسين.

ورغم ان القرار الجديد لا يوضح من يقرر العملية العسكرية اذا ما أخل العراق بالتزاماته الدولية، قالت واشنطن، انها في تلك الحالة مستعدة للعودة والمشاركة في محادثات الامم المتحدة وليس اكثر، بمعنى انها غير ملزمة بأي شيء. وفي هذا المجال قال ارميتاج ان الرئيس جورج دبليو بوش اكد تفضيله العمل من خلال تحالف دولي، وانه يفضل تجريد العراق من الاسلحة بدل شن الحرب، لكن اذا اضطررنا «فاننا مستعدون لقيادة تحالف حتى ولو كان تحالف ارادات فقط».

بعد فوز الجمهوريين الساحق، ضاقت مجالات المناورة امام فرنسا وروسيا والصين وامام العراق ايضا، وهذا الفوز الذي جاء في منتصف ولاية الرئيس بوش الاولى، وفي ظل قلق اقتصادي، يؤكد قوة شعبية الرئيس الاميركي، الذي بدوره يستطيع ان يقول للعالم، «اذا لم تكن معجبا بسياستي، فانا رئيس الولايات المحدة الاميركية وشعبي يثق ويؤيد هذه السياسة». وهذا صحيح بمعنى ما، فنتائج الانتخابات الاميركية ابدت دعم الرأي العام الاميركي لسياسة الادارة الداخلية والخارجية، وايضا للحرب ضد العراق.

يمكن الآن، ان يتجاوز الرئيس العراقي صدام حسين التصريحات التي يطلقها طه ياسين رمضان والتي تراهن على رفض الرأي العام الاميركي والاوروبي لسياسة الحرب، ويلتزم بما تم تسريبه من قبله، بأنه سوف يتعاون مع القرار الدولي الجديد، اذا اراد فعلا تجنب الحرب.

صحيح ان الرأي العام مهم في معظم دول العالم، خصوصا الغربي، والشعب الاميركي بالذات يفضل حربا على العراق مدعومة من الامم المتحدة، لكن هناك خطرا آخر يعيش في ظله الشعب الاميركي، وهو خطر الارهاب الدولي ويعتبر 90% منه ذلك الخطر جديا، ويرى 85% من الشعب الاميركي ان العراق بأسلحة الدمار الشامل يشكل خطرا كبيرا.

ان بريطانيا وايطاليا واسبانيا تؤيد مبدأ الحرب اذا ما رفض العراق الالتزام، وهذا يشير الى انقسام في توجهات الرأي العام الاوروبي، وتتفهم فرنسا ان واشنطن لن تتراجع عن قرارها بتجريد العراق من الاسلحة حتى ولو بالحرب، تماما كما تتفهم اصرار واشنطن على محاربة الارهاب، لذلك سمحت للقوات الاميركية في بناء قاعدة في جيبوتي، الواقعة حتى الآن تحت السيطرة الفرنسية.

اذا كانت اوروبا، وبالذات فرنسا راغبة فعلا في تجنب الحرب على العراق، فعليها ان تكون واضحة في ابلاغ بغداد ما عليها فعله من تعاون كامل مع المفتشين الدوليين، وان تكون واضحة ايضا عما ستكون عليه ردود الفعل الاوروبية اذا لم تتعاون بغداد حتى النهاية.

ان عدم الوضوح الاوروبي في الاتصالات مع العراق ليس اقل وطأة من عدم وضوح العبارات في القرار الدولي.