تحت قمر رمضان

TT

بدأت رحلة طائرة الخطوط العربية السعودية من الرياض الى جدة بدعاء السفر المبثوث من مكبرات الصوت داخل الطائرة. وبعد فترة من الطيران ظهرت رسالة على الشاشة تنبه الرجال المتجهين الى مكة، ان 20 دقيقة، ثم 10 دقائق، بقيت على بداية الإحرام. ذهب بعض الرجال الى دورات المياه، وارتدوا ملابس الاحرام ذات القطعتين البيضاوين، وكانت صورة مذهلة أن ترى الرجال في ملابسهم البيضاء، وبأيديهم اجهزة الكومبيوتر المحمولة السوداء.

بعد رؤية الهلال وبداية شهر رمضان، حث ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز، المسلمين على «اتباع منهج الاسلام المعتدل».

قبل 11 سبتمبر، كان الاميركيون ينظرون الى هذا المكان كناد رجالي، يستطيع فيه السياسيون في ستراتهم الخفيفة ان يبرموا الصفقات، ذات النفع المتبادل. وبعد 11 سبتمبر حاول الاميركيون الذين افاقوا من سباتهم ان يتعرفوا على الازهار الصحراوية السامة التي تنمو خلف حيطان المملكة. بدأ المنتقدون الاميركيون ينادون بإحداث تغييرات في مدارس الاولاد، في نفس الوقت الذي صار السعوديون ينادون بإحداث تغييرات في مدارس البنات بعد المأساة التي هزت البلاد، وهو الحريق الذي شب اواخر مارس (اذار) الماضي في احدى مدارس البنات بمكة، وادى الى قتل 15 طالبة، وتردد ان المطوعين منعوا رجال الاطفاء من انقاذ الطالبات لانهن لم يكن يرتدين الحجاب.

قال لي مواطن من بين الذين ذهبوا الى التشييع من جدة: «رأيت الآباء وهم يحملون بناتهم الملفوفات في الاكفان، وكانت أعمارهن تتراوح بين 13 و15 سنة، واستبد بي الغضب الشديد».

واضاف المواطن نفسه انه كان من ضمن من كتبوا يطالبون بطرد رئيس تعليم البنات، وقد ابعد الرجل بالفعل، ثم تم الحاق تعليم البنات بوزارة التربية.

ذهبت لمقابلة وزير التعليم بمنزله بالرياض. كان الوزير محمد احمد الرشيد قد دعا عددا من نوابه. وكان هؤلاء يرتدون عباءاتهم البيضاء وعقالاتهم ويتشاغلون بتحسس لحاهم. تحدث هؤلاء عن ايام طيبة قضوها بالجامعات الاميركية: ستانفورد، انديانا، اوكلاهوما، مشيغان. وتحدث خضر القرشي، نائب الوزير لتعليم البنات، عن حبه لفريق هوزييرز لكرة السلة بجامعة انديانا. وكانوا يحاولون التصدي للنقد الذي توجهه اميركا حول نفوذ رجال الدين المتشددين على تعليم الاولاد. قال احد النواب: «لماذا لا تقرأين كتب الرياضيات الاسرائيلية: اذا قتلت 10 عرب اليوم و12 غدا، كم يكون المجموع؟». وقال آخر موافقا: «اذا كان صحيحا تغيير 5% او 8% من منهاجنا التعليمية، فان 80% او 90% من محتوى وسائل الاعلام الاميركية يجب ان يتغير هو الاخر».

وقال الوزير انه كان يندهش أثناء وجوده باميركا عندما يجد نفسه جالسا جوار فتاة في قاعة الدراسة. واضاف باسما: «كان ذلك اهم الاحداث في حياتنا. ومع انني احببتها هناك، الا انني لا اريد ان أراها هنا».

ولا يمكن ان يقال عن ابنه اسامة، 27 سنة، الذي درس ايضا باميركا، انه اكثر ليبرالية من ابيه، قال: «لا يمكن ان ارى اختى او امي او زوجتي في غرفة واحدة مع رجل آخر».

واضاف الوزير ان منهج مدارس البنات سيظل يركز على دور المرأة كزوجة وام. وقال احد النواب ان كتب المناهج لن تحوي نصوصا مثل: «ذهبت فاطمة مع صديقها محمد». وتابع الوزير مؤكدا: «هذا محظور قطعا».

لا يسمح للاولاد والبنات باقامة اية صداقات، كما لا يسمح للرجال والنساء باللقاء او الخلوة، ما لم يكونوا متزوجين. لن يستطيع دِك وجين ان يلتقيا هنا، كما ان المطوع الغضوب سيفاجئ جاك وجيل قبل الوصول الى ذلك التل.

* صحافية أميركية ـ خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»