حلف مختلف ودور مختلف

TT

قادة حلف شمال الاطلسي (ناتو) دعوا، في قمة براغ، سبع دول اوروبية شرقية للانضمام الى عضويته في اكبر عملية توسيع لقاعدة الحلف منذ انشائه.

وبمجرد ان تصبح دول المعسكر السوفياتي السابقة: بلغاريا ورومانيا واستونيا ولاتفيا وليتوانيا وسلوفينيا وسلوفاكيا دائمة العضوية، بحلول عام 2004، يصبح الحلف منظومة فضفاضة تضم 26 دولة يجمعها رابط عسكري... ويفرق بينها أكثر من عامل قومي واقتصادي وحتى حضاري.

رغم ترحيب الدولة المحور للحلف، اي الولايات المتحدة، بهذه التوسعة السريعة لعضويته، ودعوة الرئيس الاميركي جورج بوش جميع دوله، سواء القديمة أم الجديدة، الى المساهمة في قوته العسكرية حتى ولو ادى ذلك الى زيادة الانفاق العسكري، يبدو «الناتو» الموسع اطارا لتحالف سياسي أكثر منه عسكري، فالهدف الاستراتيجي الموحد الآن للحلف، اي «الارهاب»، لا يتمثل بدولة معينة ـ كما كان الاتحاد السوفياتي يجسد الخطر المباشر على العالم الحر في عصر الحرب الباردة ـ وخطره العسكري لا يستوجب حشدا للجيوش والاساطيل بقدر ما يتطلب عمليات عسكرية «جراحية» تعتمد على أحدث التقنيات التكنولوجية المتقدمة التي تعتبر الولايات المتحدة رائدتها في عالم اليوم.

والواقع ان الرئيس بوش نفسه أبرز الطابع السياسي للحلف بتأكيده على ضرورة انضمام «كل دولة ديمقراطية أوروبية» اليه قادرة على تحمل مسؤوليات العضوية، الامر الذي يجعل هذه العضوية مرتبطة بالنظام السياسي للدولة المرشحة لها.

أما بالمقياس العسكري المحض، ومع ان المعطيات الاستراتيجية لمرحلة ما بعد الحرب الباردة تعكس اعترافا دوليا متناميا بالتفوق العسكري الاميركي، فانها تضمر ايضا مشاعر تخوف دفينة من احتمال تفرد الولايات المتحدة بالقرار الحربي.

على هذا الصعيد لا تحتاج الولايات المتحدة الى توسعة عسكرية «للناتو» لكسب حربها المعلنة على «الارهاب الدولي» بقدر ما تحتاج الى توسعة سياسية ـ معنوية لدعم هذه الحرب. لذلك يصح القول بان حلف شمال الاطلسي أصبح، بعد قمة براغ، تحالفا سياسيا مختلفا عن الحلف العسكري السابق وتحالفا مرشحا لمواجهة حروب مختلفة الطابع عن السابق.

ولكن إذا كانت دعامة دول الحلف الـ26 اساسية لحرب الولايات المتحدة على الارهاب، فان السؤال يبقى: الى اي مدى سيتمكن الحلف الموسع من لعب دور المستشار العسكري ـ السياسي للولايات المتحدة بعد أن كادت الولايات المتحدة تتجاوز دور مجلس الامن الدولي في هذا المجال؟

من المنطقي التوقع بان تترجم توسعة الحلف بالتزام اميركي معنوي بمشاورة حلفائها في أي قرار حربي يتطلب مشاركتها المباشرة فيه.

وهذا الدور ىأخذ اهميته الدولية في اعقاب الجدل الواسع الذي اثاره الاعلان عما يعرف اليوم باسم «مبدأ بوش» الداعي الى إجازة اللجوء الى الضربة العسكرية «الاستباقية» في حال شعور الولايات المتحدة بتهديد خارجي لأمنها... وما قد يستتبعه تطبيق هذا المبدأ من تعقيدات دولية لن تكون دول حلف الاطلسي، جديدها وقديمها، ولا مصالحها المتمايزة بحكم واقعها الجغرافي ـ السياسي، بمنأى عنها.