فصل إسرائيلي في الحرب على «الإرهاب»

TT

لأنه لم يسبق لمسؤول اسرائيلي أن توصل الى مستوى النجاحات التي حققها الرئيس الليكودي لحكومة اسرائيل، أرييل شارون، في اقناع الادارة الاميركية بشن حروبها بالوكالة عنها، وفي تصوير قمعه الدموي للنضال الاستقلالي الفلسطيني بأنه فصل من فصول حربها على «الارهاب الدولي»... فلا بد من أن تأخذ مزاعم شارون الاخيرة عن وجود عناصر من تنظيم «القاعدة» تمارس نشاطاتها في قطاع غزة ولبنان بمنظور تخطيط استراتيجي مستقبلي أكثر منه محاولة تسجيل كسب اعلامي فقط.

وهذا التخطيط يكتسي مصداقية واضحة في أعقاب كشف الامن الوقائي الفلسطيني عن اتصال عملاء في اجهزة الامن الاسرائيلية بثمانية فلسطينيين من خارج قطاع غزة وعرض تزويدهم بالمال والسلاح لتجنيدهم كنشطاء مزعومين في تنظيم «القاعدة»، وذلك بهدف تبرير الهجمات الاسرائيلية على المناطق الفلسطينية.

استغلال أحداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001 وتجيير الصدمة النفسية التي خلفتها داخل الادارة الاميركية لمصلحة استراتيجية اسرائيل في الشرق الاوسط، كانا أبرز انجازات الجنرال شارون في الحكم، ان لم يكن انجازه اليتيم بعد أن تبدد وعده الاساسي للاسرائيليين بالقضاء على الانتفاضة خلال المائة يوم الاولى من حكمه، واصبح عرضة لانتقادات سياسية لهذا الانجاز المحبط مع بدء الحملة الانتخابية للكنيست الجديد.

وفي اعقاب الهجمات التي استهدفت مواطنين اسرائيليين في مومباسا (كينيا) قبل حوالي الاسبوعين، وما تلاها من بيان منسوب الى «القاعدة» يعلن مسؤوليتها عن الحادث، اصبحت حادثة مومباسا «رصيدا» آخر يمكن لشارون أن يوظفه في حربه على النضال الاستقلالي الفلسطيني وذريعة أخرى يمكن ان يتوسلها لتأليب الادارة الاميركية على العرب والمسلمين عامة.

في هذا السياق يبدو قول المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية، جيلاد ميلو، إن المنظمات الموجودة بالفعل في الاراضي الفلسطينية ولبنان، مثل «حماس» و«الجهاد» و«حزب الله»، تعتبر «مماثلة» لتنظيم «القاعدة»، محاولة اسرائيلية أخرى لازالة اي تمايز بين حركات الكفاح الاستقلالي التي تحصر عملياتها باهداف اسرائيلية فقط، وتنظيم «القاعدة» الذي يستهدف اساسا المصالح الاميركية بعملياته الارهابية.

واذا كانت مساعي حكومة شارون لمساواة النضال الاستقلالي الفلسطيني بـ«ارهاب» تنظيم «القاعدة» لقيت بعض الآذان الصاغية في واشنطن، فقد تكون محاولتها الاخيرة لادراج «حزب الله» اللبناني أيضا في سلة التنظيمات الارهابية المتعاونة مع «القاعدة» محاولة جديدة لوضع لبنان في خانة الدول المطلوب مراقبتها بداعي عدم الالتزام بقرار مجلس الامن 1373 الذي يوجب على جميع دول العالم ابلاغ المجلس بمعلوماتها عن اي نشاطات ارهابية على اراضيها، خصوصا أنه سبق للسلطات الاميركية أن أعربت عن ارتياحها لتعاون لبنان معها في تعقب الارهابيين وتبادل المعلومات بشأنهم.

في ظل المناخين الدولي والاقليمي السائدين وما استتبعاه من تحويل قضية الشرق الاوسط الاولى من النزاع العربي ـ الاسرائيلي الى مواجهة النظام العراقي بداعي محاربة الاهاب، لم يعد مستبعدا أن تكون تطلعات ارييل شارون الى لصق سمة الارهاب بكل مناوئي الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية قيد التطبيق العملي حاليا.