خطاب مكرر كالعادة

TT

لا جديد في خطاب صدام حسين، فالكلام المكرر والمحنط الذي لا يتعرض لأية قضية جادة ولا يعالج اية مشكلات قائمة، ولا يلتزم بأي متطلبات وواجبات، هو نفس الخطاب الذي تتغير فيه الاصطلاحات والرتوش ويظل جوهره العنتريات والتحدي والكبرياء الزائف.

هناك تطابق بين خطاب صدام وخطاب بن لادن الاخير، فكلاهما اعتقد ان باستطاعته المتاجرة بأعمال الارهاب التي شهدتها الكويت، وهي اعمال معزولة لا تعبر عن رأي عام، وكلاهما تحدث عمن قام بمثل هذه الاعمال باعتبارهم شهداء، وكلاهما يمارس تحريض الناس على العنف، والفرق الوحيد هو ان احدهما يتاجر بالاسلام والآخر يتاجر بالعروبة.

كيف يتحدث صدام عن الاعتذار ويطالب باسقاط النظام والثورة عليه، وكيف يطالب بالمصارحة والمصالحة وهو يعتبر جيرانه خونة وعملاء، وكيف يمكن لقائد مثل صدام حسين ان يتعامل مع عملاء وخونة ومتآمرين.

خطاب صدام يشبه الى حد التطابق خطابه قبل غزو الكويت عندما الّْف قصة سرقة النفط العراقي، واتهم الكويت ودولة الامارات بالضلوع في مؤامرة ضد اسعار النفط، بل واخترع حكاية وجود الجنرال شوارتزكوف في الكويت وقيام مناورة عسكرية اميركية في الكويت لغزو العراق وهي رواية لم تجد سنداً واحداً من اي مصدر محلي او دولي.

صدام منزعج من العلاقات بين المعارضة العراقية والكويت ويعتبر ذلك تدخلاً في شؤون العراق، وفي الوقت ذاته يطالب الشعب الكويتي بالثورة «على حكامه الخونة»، ويؤيد اعمال الارهاب والقتل داخل الكويت.

خطاب صدام يأتي في وقت يضيق فيه الخناق على رقبة النظام، فقد اطلق سراح آلاف السجناء، واستقبل عدداً من الشخصيات الذين لا يعرفهم الناس أتوا الى بغداد للادعاء بأنهم يمثلون المعارضة ويتكلمون عن وعود بخطوات ديمقراطية في العراق، ووجه خطابه الى «الشعب في الكويت» بلغة لم يطرأ عليها جديد ولم تتغير فيها الأقوال ولا الافعال.

الجهل مشكلة، والغرور مشكلة اخرى، فاذا اجتمع الجهل والغرور اعتقد الانسان ان باستطاعته ان يعيش خارج التاريخ وان يفرض شروطه على الجميع، وستكشف الايام ان مثل هذه الممارسة مصيرها الفشل مثل كل التجارب الشبيهة التي تمتلئ بها كتب التاريخ وذاكرة الناس.