بوش يحتاج إلى رسالة جديدة

TT

القرار الذي اتخذه الرئيس جورج دبليو بوش، بتغيير فريقه الاقتصادي، لقي ترحيبا من قبل دوائر الاعمال والسياسة في كل العواصم الكبرى. ولم يكن أداء بول اونيل، وزير الخزانة المستقيل، ولاري لندسي، المستشار الاقتصادي للبيت الابيض، أداء مقنعا بأي حال من الأحوال. وكان اونيل قد قام بجولة استغرقت اسبوعين مع مغني البوب بونو، لاقناع المانحين بتقديم مزيد من العون الى القارة السوداء. وفي الوقت الذي كان الوزير يتجول في تلك الازياء الزاهية والمتعددة الالوان ويرقص على انغام الموسيقى الافريقية، كان وول ستريت يترنح من أثر الضربات المتوالية. ورغم حجمه الذي يحسده عليه مصارعو السومو، فان لندسي، لم يظهر مطلقا على شاشة الرادار الاقتصادي.

ولكن السؤال الحقيقي هو التالي: هل يمكن ارجاع الازمة الاقتصادية الاميركية الحالية، بصورة كلية الى الشخصين المبعدين؟

الاجابة هي النفي.

من المؤكد ان اونيل ولندسي لم يعرفا بجودة التواصل والتفاهم، ولكن مشكلة الاقتصاد الاميركي ليست مشكلة سوء فهم. بل ان المشكلة ليست اقتصادية على وجه الدقة. وخلال الايام القليلة الماضية لم تطرأ لاحد من الناس فكرة ألمعية واحدة يمكن ان تعيد الاقتصاد الى مجراه السليم والمعافى. فالابطاء في الاقتصاد الاميركي، كما تشير اليه وتدل عليه نسب البطالة المرتفعة، ناتج عن تدني ثقة المستهلك الاميركي، مما جعله يستهلك وينفق بنسب اقل. والسبب في ذلك ليس سعر الفائدة الذي وصل الى ادنى مستوى له خلال 40 سنة، او تدني القدرة الشرائية التي وصلت الى اعلى مستوياتها منذ الثمانينات. انما السبب هو الخوف من المستقبل، الذي تغذيه المشاكل السياسية والحملة الدعائية المستمرة عن الخطر الارهابي.

المشكلة اذن سياسية وليست اقتصادية. ولن تحلها بالتالي اية اجراءات ذات طابع اقتصادي، فالشعور بالاطمئنان الذي يجعل الناس ينفقون ويستثمرون، ليس موجودا في الوقت الحالي. ويمكن للاجراءات الكلاسيكية مثل خفض الضرائب واسعار الفائدة، ان تنخر اعمق في ثقة المستهلكين وتقضي عليها.

ان التخفيض التاريخي للضرائب، الذي نفذه الرئيس بوش، ليس متوقعا منه ان يحدث آثارا محسوسة. وليس متوقعا ان يؤدي تكرار التجربة اليابانية، بخفض اسعار الفائدة الى الصفر، الى حل المشكلة.

ان ما يمكن ان يعيد الثقة، او جزءاً منها على الاقل، هو رسالة سياسية جديدة تبشر بالامن والسلام. وهذه مهمة تقع على عاتق الرئيس نفسه ولن يحلها أي طاقم جديد من المسؤولين الاقتصاديين.