لعبة التخويف

TT

موقع يديعوت احرونوت العربي خصص استبيانا سؤاله: هل تعتقد أن تنظيم القاعدة أسس خلايا تابعة له في المناطق الفلسطينية؟

والنتيجة التي ظهرت حتى الآن هي النفي بأغلبية ساحقة تجاوزت الثمانين في المائة، وتوزعت النسبة المتبقية على القائلين نعم او لا يعلمون. ومع ان استبيانات الانترنت غير علمية، ويسهل تزويرها او التأثير على نتائجها، فان نتائج استبيان لا تجرم ولا تبرئ، فدليل واحد مهما كان واهيا كاف لتجريم السلطة الفلسطينية واعلان حرب دولية عليها.

مع هذا فإننا هنا نطرح الموضوع للامتحان العقلي لا للاستبيان العاطفي، هل يعقل ان «القاعدة» التي تريد الحرب وتنشد الاستشهاد، تبلغ اندونيسيا وكينيا وتهمل الاراضي الفلسطينية، الأرض الاكثر شعبية في العالم الاسلامي، والاكثر خصوبة للتجنيد؟

ما الذي يجعل معظم التنظيمات من اسلامية سنية وشيعية وقومية وشيوعية تجد موطئا فلسطينيا لنشاطها، في حين ان اكثر الحركات شهرة ووصولا الى العواطف الغاضبة، العربية والاسلامية، أي «القاعدة»، لا تجد مخبأ في غزة او جنين؟ هل يصدق المرء ان هذا التنظيم الماهر في التغلغل ينشط في جبال باكستان، وكهوف افغانستان، ووديان كشمير، والآن في اعالي كردستان العراقية، ويبلغ سواحل غرب افريقيا، يعجز عن العمل في مخيمات فاقدة الأمل ومشحونة بالكره والرغبة في المقاومة والانتقام؟

تساءلت عن سر هذا الغياب الى ان ظهرت اخيرا رواية محاولة اسرائيل تجنيد فلسطينيين متخفية باسم القاعدة. هنا كان لا بد من وقفة حتى نتساءل من الصادق ومن الكاذب، هل السلطة الفلسطينية مزورة ام ان السلطة الاسرائيلية متآمرة؟ الحقيقة ان كلا الاحتمالين ممكن تماما.

قد تكون السلطة الفلسطينية ارادت تخويف مواطنيها من «القاعدة» مؤكدة لهم ان من يتصل بها ليسوا الا عملاء المخابرات الاسرائيلية ضمن مؤامرة ذكية. هنا نفترض ان السلطة الفلسطينية تزور الحقيقة لاجهاض نشاطات «القاعدة» على ارضها، وهي بذلك تفوت الفرصة على حكومة شارون وتحرمها من الامساك بالدليل المطلوب.

وقد تكون السلطة الاسرائيلية هي الكاذبة، كما روى شاهد بوجه ملثم كيف اتصل به اشخاص ثبت لاحقا انهم من المخابرات الاسرائيلية يريدون تجنيده باسم «القاعدة» حتى يعتقل لاحقا بتهمة نصف صحيحة. فمن مصلحة اسرائيل تشويه صفاء اهداف الفلسطينيين، وهي تنشد توريطهم في حرب كبيرة مع الاميركيين. ولو قدم شاون غدا ادلة على تورط الفلسطينيين مع «القاعدة» فانها ستكون مدمرة للسلطة الفلسطينية وقد تؤدي الى وضع عدد من قياديها في غوانتانامو.

الأكيد ان حكومة شارون حلبت «القاعدة» منذ احداث 11 سبتمبر اكثر مما استخدمها بن لادن، فجمعت من ورائها التأييد والمال والسلاح وهي تريد الان دق المسمار الاخير في نعش المقاومة الفلسطينية الرسمية واعتبارها حركة عالمية شريرة. ان البحث عن ادلة على تورط تنظيم بن لادن سيكون حاسما وخطيرا. لهذا فحسابات الرئيس ياسر عرفات صحيحة، سواء كانت «القاعدة» الحقيقية هي وراء الاتصالات او الاستخبارات الاسرائيلية، فالنتيجة مدمرة على السلطة والقضية والمنطقة. الاميركيون شكاكون تجاه كل شيء ومستعدون لتصديق أي شائعة تدلهم على بن لادن او رفاقه، سيسهل على من شاء ان يقدم أي دليل فيه شيء من الصحة لتوجيه الامن الاميركي ضده، وهذا ما يجعل عرفات محقا هذه المرة في مخاوفه.