عودة إلى الوراء

TT

مرت القمة الخليجية هذه المرة ولم يشعر بها أحد، ولم تتصدر القمة نشرات الأخبار ولم تكن جزءا من المتابعة اليومية للناس، وهو امر محزن ومحبط لشعوب هذه المنطقة التي كلما اعتقدت انها اصبحت قاب قوسين او ادنى من عمل وحدوي يرقى الى مستوى الطموحات، عدنا الى المربع الأول والى نقطة الصفر.

يسامح الله كل من اوصلنا الى ما نحن فيه، وسامح الله غياب المسؤولية وتغليب المصلحة الذاتية والشخصية على المصالح العليا للمجتمعات والاحلام المشروعة، ولسنا نريد ان نزيد الطين بلة فنشخص الداء، فلقد اصبح بعضنا حساسا من النقد، لا يقبل ان يقول له احد انك اخطأت، واصبح بعضنا لا يعنيه ان يغضب من يغضب وان تتكسر احلام الشعوب على صخرة العناد وان يعود العمل المشترك الى الوراء.

شعوب دول المجلس يجب ان يسمع صوتها، ويجب ان يكون هذا الصوت قويا ومدويا، ويجب ان نقول لمن هم فى سدة الحكم وفي موقع المسؤولية على كل المستويات بأن الناس قد ملت من عمل خليجي تحكمه الامزجة، ويلفه غياب الصراحة والشفافية، وان الناس قد صبرت كثيرا على امل اصلاح العمل الخليجي المشترك، وان الشعوب قد تعلمت واصبحت تدرك مصالحها في عالم انفتح على مصراعيه حيث لن يستطيع احد ان يخفي شيئا، ولن يستطيع احد ان يمنع الناس من الاحتجاح واعلان موقفها الرافض لما وصل اليه العمل الخليجي المشترك.

العالم كله يموج بالحركة والقوى الدولية تزيد ترابطها وتنسيقها، والكتل السياسية والاقتصادية اصبحت عنوان الحياة الدولية المعاصرة حيث لا مكان لمجتمعات صغيرة تنغلق على ذاتها وتعتقد ان باستطاعتها عبر سوق صغير وامكانيات متواضعة ان تدخل عالم التنافس وان يكون لها مكان تحت شمس الحضارة، وحيث لا مكان لمن يعتقد ان الزمن حلاّل المشاكل وان الانتظار هو افضل السيناريوهات، وان المزاجية والغضب والحساسية المفرطة يمكن ان تصنع حضارة.

قمة الدوحة باللغة الدبلوماسية لم تكن ناجحة، ففي النفوس كثير من الغضب ولن تجدي الكلمات الدبلوماسية في اقناع الناس بأن ما حدث في الدوحة هو امر عادي، ولن يصدق الناس البيانات التي تتحدث عن نجاحات باهرة، وانجازات عظيمة.

مطلوب احترام شعوب هذه المنطقة، والتأكد ان الناس تعرف كل شيء وتتابع كل شيء، وان العودة عن العمل المشترك هو جريمة في حق انفسنا واجيالنا القادمة.