«حالة» عمرو موسى!!

TT

«الحالة» التي طرأت مؤخرا، ليس من لا شيء ولا بصورة مفاجئة، بين الكويت والأمين العام لجامعة الدول العربية الاستاذ عمرو موسى مزعجة ولا بد من وضع حد لها، حتى قبل وضع حد لـ «الحالة» بين الكويت والعراق، فالأمر تجاوز مجرد العتب العابر ومن غير المعقول ان توضع «حالة» عمرو موسى مقابل «حالة» عصمت عبد المجيد الذي اتهمه العراقيون قبل ان يودع مقر الجامعة العربية ويخرج منه بأنه منحاز للطرف الآخر «على حساب الحقيقة ومسؤولية الموقع الذي يحتله».

تأخذ الصحف الكويتية والبرلمان الكويتي وربما الحكومة ايضا على عمرو موسى انه عندما سئل عن «أم الرسائل» التي وجهها صدام حسين الى الشعب الكويتي، وليته لم يوجهها، امتنع عن الاجابة بحجة انه لم يسمع هذه الرسالة ولم يقرأها وان كل ما يعرفه عنها هو ردود الافعال عليها.. وبمختصر الكلام انه لا يريد التعليق.

والحقيقة ان القصة ليست قصة رمانة وانما قلوب ملآنة فهذا الاحتكاك لم يبدأ بملابسات هذه الرسالة بل قبل ذلك بكثير، وامتناع عمرو موسى عن التعليق على رسالة الرئيس العراقي الى «الشعب في الكويت» كان بمثابة التذكير بتلك الحادثة عندما قام الامين العام بزيارة الى بغداد، واستقبل هناك استقبال الفاتحين ليس حباً به وانما نكاية بالامين العام السابق. ثم انتقل الى الكويت حاملا مشروعا حالما فاستقبل بما يفرح قلب الاستاذ عصمت عبد المجيد وبما يعتقد انه كان ردا على الحفاوة التي كانت في انتظار عمرو موسى في العاصمة العراقية.

.. واننا لو اخرجنا امتناع عمرو موسى عن الاجابة على السؤال الذي وجِّه اليه من سياق المماحكات والاحتكاكات السابقة المشار اليها، فإننا نجد ان هذا الموقف الذي وقفه الامين العام للجامعة العربية طبيعي جدا ولا يجب ان يثير كل هذا الحنق لدى بعض الاوساط، ولدى الصحافة الكويتية. فشخص يحتل هذا الموقع الذي لا يحسد عليه في ظروف عربية لا نُحسد عليها لا بد ان يتملص من الاجابة على سؤال محرج لا يستطيع من هو في موقع الامين العام الاجابة عليه.

لو قال عمرو موسى نفس ما قاله امين عام مجلس التعاون الخليجي او اقل منه لتعرض لاكثر مما تعرض له عبد الرحمن العطية بألف مرة ولقامت الدنيا عليه ولن يستطيع اقعادها، اذ لم تجر العادة في العمل العربي المشترك ان يبدي الامين العام للجامعة العربية رأيه علنا بخطب الرؤساء والزعماء العرب وبرسائلهم وبسياساتها فهذه من الكبائر ولا يستطيع الاقدام عليها حتى عنترة بن شداد.

قد تكون هناك ملاحظات كويتية محقة تجاه ما يضمره عمرو موسى كموقف شخصي تجاه «الحالة»، لكن بالنسبة لرفضه الاجابة على السؤال المتعلق برسالة صدام حسين فإن هذا ليس من «امهات الكبائر» وهو صعب للغاية بالنسبة لانسان يحتل هذا الموقع المتعب الذي يحتله و«.. لا يكلف الله نفسا إلا وسعها».

ثم وعلى افتراض ان لعمرو موسى رأيا شخصيا لا يرضي الكويت فإن ما هو متوقع من صاحب الحق ان لا يتبع مقولة «ان من ليس معي فهو ضدي» والحقيقة ان مواقف الكويت التي كانت في احيان كثيرة بمثابة العض على الجرح هي التي اكسبت الكويتيين الجولة، وهي التي احاطتهم بكل هذا التعاطف، وبكل هذا التفهم لمواقفهم وتظلماتهم.. وهنا بالنسبة لهذه المشكلة فإننا نقول لاشقائنا الكويتيين من موقع الحب والثقة: «جد لاخيك عذرا» والامين العام قبل ان يحتل هذا الموقع الذي لا يحسد عليه بالفعل قدم للعرب الشيء الكثير وكان عطاؤه القومي مميزا ويستحق الشكر عليه.