العرب.. خدمات مجانية

TT

على كل المستويات نناقش قضية التغيير القادم في العراق، وكعادتنا في كل الازمات العربية تتحول المنتديات الى السيناريوهات القادمة واحتمالات المستقبل. هل سيحدث انقلاب عسكري؟ هل يتنحى الرئيس العراقي عن الحكم ويوفر على شعبه الحرب القادمة؟ هل سيكون الخيار العسكري هو الخيار الحاسم؟ ومتى او ما هي طبيعة الحكومة التي تفكر اميركا في تنصيبها في العراق؟

كل النقاش يدور حول ما سيفعله الاخرون، ولا شيء يتعلق بما يفترض ان نفعله نحن كمعنيين في هذه المنطقة على المستوى الرسمي والشعبي. وكل الحديث يدور حول طبيعة العمل الذي ستقوم به الولايات المتحدة، ولا احد يتكلم عن العمل الذي يفترض ان نقوم به.

نعلم ان الامة لا حول لها ولا قوة منذ ان عشقت الطغاة، ومنذ ان انتشرت بينها ثقافة القبيلة العربية، وثقافة المؤامرة الخارجية ومنذ ان فقدنا المبادرة في القضايا الصغيرة والكبيرة ومنذ ان سمحنا لكل طاغية ان يرفع الشعارات الكاذبة وان ينقلنا من كارثة الى اخرى ومن حرب الى اخرى حتى اذا انهار المبنى على من فيه رحنا نبحث عن متآمر اجنبي!!

هناك سيناريوهات محتملة للتغيير في العراق، وصحيح ان التغيير لن يكون لنا فيه رأي، ولكن على الاقل علينا ان نضع تصورات التعامل مع التغيير القادم. كيف نتعامل مع الحكومة العراقية القادمة، ما هو المطلوب لمساعدة العراقيين على الاستقرار والتنمية وابعاد شبح الحرب الاهلية، ما هي الضمانات التي يمكن ان نأخذها لعراق مستقر مقابل كل ما تقدمه الدول الخليجية من امتيازات ومساعدات للعمل العسكري القادم، وهل سنقوم مرة اخرى بتقديم خدمات مجانية الى الاخرين دون ان يكون لنا رأي في الاحداث القادمة.

اثناء الحرب الاميركية على افغانستان قدمت الدول العربية الكثير لدعم تلك الحرب، وكان هناك اعتقاد ان اميركا بعد انتهاء الحرب الافغانية ستلتفت الى الملف الفلسطيني وتعيد العملية السلمية الى سابق عهدها، لكن العكس هو ما حصل واستمر التطرف الشاروني وازداد، وازداد معه الدعم الاميركي لاسرائيل.

نحن امة تقدم خدمات مجانية، فلقد دخلت تركيا في حرب افغانستان بشروط محددة، ودخلت ايران بشكل غير مباشر عبر اتفاق «جلنتمان» مقابل استحقاقات ايرانية في افغانستان، والتاريخ يعيد نفسه، فكل طرف يدخل بشروطه وعلى ضوء مصالحه، اما العرب فيستمرون في تقديم الخدمات المجانية.