تغيير.. أم لا تغيير حكومي في لبنان

TT

في الـ 75 سنة التي مرت على الحياة النيابية في الجمهورية اللبنانية لم تسقط اي حكومة امام المجلس. اي بعد اقتراع على الثقة لم تنل فيه اصوات الاكثرية البرلمانية، ولكن هناك 82 حكومة تألفت واستقالت خلال هذه المدة اي ان معدل عمر الحكومات اللبنانية هو اقل من عام. ولكن بعض رؤساء الوزراء مكثوا في الحكم اكثر من غيرهم، كرياض الصلح ورشيد كرامي وسليم الحص ورفيق الحريري الذي ضرب الرقم القياسي. فهو في رئاسة الحكومة منذ عام 1992 (باستثناء سنتين).

لماذا تتغير الحكومات في لبنان؟ الاسباب عديدة: ظروف واوضاع سياسية داخلية طارئة او متأزمة، استرضاء الزعماء والسياسيين والاحزاب والنواب المعارضين، التمهيد لإجراء انتخابات نيابية او اثر ولادة مجلس نيابي جديد، امتصاص النقمة الشعبية العامة ونادرا ما يكون السبب المباشر للتغيير الحكومي محاسبة المجلس النيابي الموضوعية لها على ما اخطأت فيه او ما قصرت عن تحقيقه.

والحديث السياسي الاول في هذه الايام في لبنان، هو عن التغيير الوزاري، فبالرغم من ان اوساط رئيس الجمهورية اميل لحود، ورئيس الحكومة رفيق الحريري، مصرة على نفي هذا الاحتمال، فانه من الصعب جدا ان لا يحدث بعد التصريحات التي ادلى بها رئيس المجلس النيابي ونائب رئيسه «ناعين» فيها الحكومة وبعد تأييد نائب رئيس الحكومة، لرأيهما وبعد تصريحات وليد جنبلاط وسير وزرائه في تظاهرة الاحزاب المعارضة للميزانية الجديدة.

وليس سراً ان قرار تغيير الحكومة (مع بقاء رفيق الحريري رئيسا لها)، انما هو قرار يتفق عليه، اولا، بين الرئيس لحود والرئيس الحريري ودمشق . ودمشق، كما هو معروف، يهمها في هذه الفترة الدقيقة والصعبة التي تجتازها المنطقة ان لا يحدث في لبنان اي وجع رأس «مشاكل» تؤثر على موقفها ودورها في الاحداث الاقليمية الآتية.

يقول المطلعون انه بات من الصعب، بعد هذه الحملة الجماعية على الحكومة، ان لا تستقيل ويعمد الرئيسان لحود والحريري بالتشاور مع دمشق ورئيس المجلس ووليد جنبلاط، الى تأليف حكومة جديدة. ولكن بعد تصويت المجلس على الميزانية. اي في شباط (فبراير) المقبل. وانها ستكون حكومة اوسع من الحكومة الحالية (32 إلى 34 وزيرا)، تدخل فيها وجوه سياسية جديدة موثوقة الولاء «لعرابي» الحكومات اللبنانية الاربعة او الخمسة.

ولكن ماذا اذا وقعت الحرب في العراق، في مطلع السنة المقبلة؟ هل يتوقف الحديث عن التغيير الحكومي؟ ام تتألف حكومة «ائتلافية» او «وطنية» جديدة لمجابهة الاستحقاقات الكبيرة؟ كل الاحتمالات واردة، اما الحقيقة التي تعلو فوق كل شيء فهي ـ على حد قول رئيس الحكومة السابق سليم الحص ـ ان مجيء وتغيير الحكومات في لبنان يخضعان، لا سيما بعد الحرب، لاعتبارات وقرارات «اقليمية» وايضا لحسابات سياسية رئاسية متعلقة باستحقاقات الانتخابات النيابية والرئاسية عام 2005.