ارتفع سن الزواج في العصور الحديثة في مختلف دول العالم شرقه وغربه وشماله وجنوبه، وأصبح من المعتاد أن تؤجل الفتاة التفكير في زواجها إلى ما بعد الثلاثين عاما بعد أن تكون قد قطعت شوطا في مشوار حياتها العملية، حدث ذلك في القرن العشرين الماضي ويحدث في القرن الحادي والعشرين الحالي، على عكس الحال في القرن الثامن عشر عندما كان ينظر إلى المرأة التي في أواخر العشرينات من عمرها على أنها تخطت سن الزواج وانحسرت جاذبيتها وتضاءلت فرص زواجها لتظل عانسا وحيدة بقية عمرها.
لم يحدث ذلك الشيء مع الكاتبة الروائية البريطانية فاني بيرني صاحبة الرواية الشهيرة «إيفيلينا» التي ظلت حتى عامها الواحد والأربعين دون زواج ثم واتتها الفرصة وتزوجت من جنرال فرنسي، لكنها بالطبع كانت تتمنى لو كانت أصغر سنا حتى تعبر عن فرحتها بطريقة أفضل، ومع ذلك فقد أظهرت فرحتها في ليلة زفافها حتى أنها بدت كفتاة صغيرة في سن السادسة عشرة.
عاشت فاني بيرني 88 عاما، عاصرت خلالها الروائيين البريطانيين صامويل جونسون وتشارلز ديكنز وحققت في السادسة والعشرين من عمرها نجاحا كبيرا بصدور أول رواياتها «إيفيلينا» التي قال فيها صامويل جونسون إنه لم ير طوال حياته رسما بديعا لشخصية درامية مثل رسم فاني بيرني للشخصية الروائية «إيفيلينا».
أبدت فاني بيرني في دفتر مذكراتها سعادة بنجاحها في مجال الأدب وعبرت عن خشيتها من عواقب هذا النجاح المبكر، لذلك كانت تمضي معظم وقتها في القراءة والكتابة الأدبية، ومع ذلك كانت تقضي أياما في اختيار ملابسها التي تتلاءم مع سنوات عمرها وتظهر في الوقت نفسه في صورة جميلة.
أثيرت حول فاني بيرني العديد من التساؤلات والشائعات حول العلاقات الزوجية الفاشلة في عائلتها وحول زواجها بعد سن الأربعين من الجنرال الفرنسي المتقاعد المعدم الذي لم يكن يملك شيئا سوى الحلم بالعودة مرة أخرى إلى حياة الجيش والخدمة العسكرية في وطنه.
وبالفعل تطوع زوج فاني بيرني لأداء بعض المهام الحربية في فرنسا وسافرت بيرني معه، لكن حياته كضابط انتهت عندما وقع من فوق ظهر حصانه وأمضى البقية من عمره قعيدا معتلا.
استسلمت فاني بيرني لقدرها الذي ألزمها برعاية زوجها الذي ظنت أنه بظهوره سوف تنتهي وحدتها، ولكن على العكس من ذلك ظلت حتى آخر يوم في حياتها وهي تشعر بالوحدة التي خففت من حدتها بعض الشيء موهبتها الأدبية، على حد قول كيت تشيشولم كاتبة السيرة الذاتية للكاتبة الروائية فاني بيرني.