منقذ إسرائيل... ومهددها

TT

جاء الى الحكم، قبل سنتين، لينقذ اسرائيل من الانتفاضة الفلسطينية في مهلة لا تتجاوز «المائة يوم الاولى» من عهده في الحكم. ورغم أن الظروف الدولية والعلاقة الحميمة مع واشنطن ساعدتاه على ركوب موجة محاربة الارهاب الاميركية ـ بعد ان اقنع واشنطن بان المقاومة الفلسطينية للاحتلال العسكري الاسرائيلي هي شكل آخر من اشكال الارهاب ـ استمرت الانتفاضة سنتين، ولا تزال، وأوقعت أكبر عدد من الضحايا عرفته اسرائيل في كل حروبها السابقة.

وبعد أن اضطره انسحاب وزراء حزب العمل من حكومته الى اجراء انتخابات مبكرة ومواجهة الرأي العام الاسرائيلي «بانجازاته»، كشفت انباء الفساد ومشتري الاصوات داخل حزب الليكود مدى عفن تنظيمه اليميني، فاضطر لان يعود الى تذكير الشارع الاسرائيلي بسمعته العسكرية السابقة وصورته كـ«منقذ» وحيد لأمنهم فأخذ في إثارة مخاوف الشارع من خطر عراقي داهم علّ الترويج له يطغى على انباء الفساد التي ابعدت العديد من ناخبي الوسط عن تأييد الحزب.

ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابية وبدء انحسار «هالة» المنقذ الاكبر عن صورته، وسع ارييل شارون نطاق « جدواه» الانقاذية لتشمل مواجهة سورية وايران و«حزب الله» اللبناني... فاعلن عن امتلاكه لمعلومات ـ اعترف شخصيا انه لم يتأكد من صحتها بعد ـ عن إخفاء العراق لترسانته من اسلحة الدمار الشامل في سورية.

وإذا كانت دمشق قد سخرت من ادعاءات شارون، فقد سارع نائبه السابق في رئاسة الحكومة الاسرائيلية ـ ووزير خارجيته ـ شيمعون بيريس ـ ربما لانه لم يتحمل محاولات شارون تكبير حجمه «القومي» الى هذا الحد ـ الى الاعلان بانه لا يصدق ادعاءاته ولا يعتقد ان سورية مستعدة «لتوريط» نفسها بموضوع تهريب السلاح العراقي.

حسابات شارون الآنية تبدو انتخابية في ظاهرها. ولكن في حال انطلت مزاعمه على من يقصد ان تنطلي عليه، يكون شارون قد نجح في اقحام نفسه في المواجهة الاميركية مع العراق، من جهة، واستعدى واشنطن على كل الدول العربية غير المرتبطة باتفاقات سلام مع اسرائيل، أي سورية ولبنان ـ وعبرهما ايران التي يتهمها برعاية «حزب الله» اللبناني.

هل بلغت تطلعات شارون حد توقعه تجنيد الادارة الاميركية لخوض حروبه على العرب بعد ان افلح في اقناعها بان حربه على الفلسطينيين هي خدمة إقليمية لحربها على الارهاب الدولي؟

إذا كانت هذه هي تطلعاته يكون «منقذ» اسرائيل قد تحول عندما صار في الحكم الى الخطر الادهى عليها.