هذا... «الرأي العام العربي»!!

TT

مسكين هذا «الرأي العام العربي»!! كل المناكر والاكاذيب ترتكب باسمه، والجميع يبحث عن رضاه.. كل البيانات العسكرية التي اعلنت سقوط الانظمة «الرجعية والعميلة» قامت بفعلها من اجل خاطر عيونه، وكل السجون التي امتلأت بالابرياء كانت لحمايته من «الخونة واعداء الامة»، وكل الاستهانة به والتعامل معه بخفة كانت من اجل حمايته من الصهيونية والامبريالية!

من اجله رفعنا شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، ولذلك تم تأجيل التنمية من اجل المعركة، وقمع الناس من اجل المعركة، والصمت عن كل فساد وسرقة من اجل المعركة، وغاب عن «الرأي العام العربي» انه لم تكن هناك معركة ولا ما يحزنون!

اذا فشل مغامر في معاركه وهدم المعبد على من فيه وحرق الحرث والنسل، عاد ليخاطب الرأي العام الذي لم يستشره اصلا في معركته، واذا ذهب مفاوض بكل اناقة وسرية للتفاوض مع اسرائيل في عاصمة اوروبية ووقع على المعاهدات، ثم عادت حليمة (اسرائيل) الى عادتها القديمة فزاد جبروتها وعنفها ضد الفلسطينيين، عادت بعض القيادات تشكو للرأي العام العربي عدم احترام اسرائيل للوعود رغم ان هذا الرأي العام العربي لم يكن يدري من الذي تفاوض ولماذا وما هي طبيعة المفاوضات؟!

من اجله يتسابق الجميع لاعلان رفضهم المشاركة في عملية اميركية ضد النظام العراقي في العلن، ومن اجله يتسابق الجميع لارضاء اميركا والتأكيد عليها بعدم اخذ التصريحات العلنية مأخذ الجد من اجل ارضاء الرأي العام العربي، ولذلك من اجله نكذب علنا ونصدق سرا!!

مشكلة هذا الرأي العام العربي انه يمكن تحريكه بسهولة بحملة اعلامية عنوانها «مؤامرة اسرائيل واميركا على العرب»، ولكنك تحتاج الى معجزة لتحريكه ضد الذين يتسببون في مأساته وفقره وبطالته، فالمثل العربي يقول «انا وأخويا على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب»، وهو في كل مرة يلدغ من نفس الجحر مرتين وثلاث وعشرا!! وفي اكثر من مرة ركض ونزل الى الشوارع من اجل دعم جلاديه وسارقي خبزه والمتسببين في هزائمه ومآسيه!!

حتى من يفترض ان يكونوا المفكرين وطليعة الامة، اولئك الذين يدركون حجم القضايا وحقائقها، يتخلون عن كل علمهم ووقارهم من اجل منافقة الجمهور وعدم اغضابه، ولا يقولون الحقيقة للناس خوفا منهم، فبطش الجمهور المنفعل والذي تحركه العواطف هو اعنف من بطش الحاكم الفرد الديكتاتور!!

الجمهور العربي الغاضب يحتاج من المفكرين وطلائع الامة الى ان يصارحوه بالحقيقة.. ان يصرخوا في وجهه، وان يتحملوا نتائج ذلك، لا بد من اغضاب الجمهور العربي المنفعل حتى لا تستمر حفلة الكذب والنفاق والتجارة باسمه وافقاره وظلمه وضياع كرامته!!

قلبي على جمهوري الغاضب المنفعل الذي اخاف عليه بحجم محبتي له!!