هل يبدل بوتين سياسته في الشيشان؟

TT

هل يمكن توقع أن يعيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين النظر في سياسته المأساوية في الشيشان بعد مقتل اكثر من اربعين شخصا وجرح العشرات في انفجارين هزا العاصمة الشيشانية اخيرا؟

هذا السؤال يفرض نفسه نتيجة هذه التطورات المتعلقة بهذه القضية وما سيترتب عنها من تداعيات سياسية وامنية.

فالرئيس الروسي كان قد عزل قائد القوات الروسية في الشيشان، ثم وعد بالتوقف عن تفكيك مخيمات اللاجئين الشيشان في إنغوشيا المجاورة. والأهم من ذلك انه وافق على تشكيل لجنة برلمانية تنظر في المسألة الشيشانية، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بجرائم الحرب التي قد تكون القوات الروسية ارتكبتها هناك.

من السابق لأوانه القول إن الرئيس بوتين بات مستعدا لتعديل سياسته، لكن من المؤكد انه بدأ في ادراك انه لا يستطيع تحقيق النصر في حرب الشيشان لما لا يقل عن سببين; الأول ان الرأي العام الروسي لم يعد مستعدا لإطلاق يد بوتين تماما، بل إنه يريد منه «حسم» المسألة الشيشانية بأية وسيلة. ولا يبدو ان الهجمات التي ينفذها مقاتلو الشيشان رغم قساوتها أقنعت الشعب الروسي بجدوى حرب شاملة في الشيشان.

والسبب الثاني يتعلق بالهدف الرئيسي من هذه الحرب، ألا وهو جعل الشيشان منطقة آمنة يمكن لأنابيب النفط التي ستنقله من بحر قزوين إلى أوروبا، أن تمر منها. إذ يبدو أن هذا الهدف غير ممكن التحقيق حتى الآن. ولا يمكن توقع أن يقبل المستثمرون على إنفاق أموالهم في أرض باتت مرتعا لمسلحين لا أمل لهم.

كان بوتين قد انتصر في الانتخابات الرئاسية مستندا إلى حد كبير الى وعد بـ«حسم» الأمر مع الشيشان. وهو الآن يدرك ان لا أمل في إعادة انتخابه للرئاسة ما لم يتوصل إلى سلام أو يحقق النصر الساحق في الشيشان.

باتت حرب الشيشان تلتهم ما يقرب من 30 في المائة من إجمالي الإنفاق الدفاعي الروسي. وهذا يعني ان الآلة العسكرية الروسية، التي أصبحت الآن بحاجة للتحديث، لن تتمكن من الحصول على الأموال اللازمة لتطوير معداتها.

كما ان روسيا تتحمل عبئا دبلوماسيا ثقيلا نظير صمت الولايات المتحدة، وإلى حد أقل، صمت الأوروبيين تجاه الشيشان. وجزء من الثمن هو الرضوخ للولايات المتحدة في العديد من القضايا، وعلى الأخص مستقبل العراق.

هناك مخرج من مأساة الشيشان. وعلى روسيا أن تتفاوض مع قادة الشيشان المعتدلين المنتخبين لاستعادة السلام في تلك الأرض التعيسة.