بهلوانيات شارون!!

TT

كل ما قاله ارييل شارون حول نقل أسلحة بيولوجية وكيماوية من العراق إلى سوريا، لابعادها عن عيون المراقبين الدوليين، ادعاءات باطلة هدفها اغتنام فرصة يعتقد أنها سانحة ليضرب عصفورين بحجر واحد. ويقيناً أن رئيس وزراء إسرائيل، المشهور والمعروف بالكذب والبهلوانية وبالفهلوة ايضاً، يعرف ان ما قاله ليس صحيحاً وانه محاولة لاستغباء العالم وحركة بلهاء هدفها دفع الولايات المتحدة للاشتباك مع دولة عربية اخرى.

هراء في هراء وكذب في كذب، واذا كان شارون المصاب بحمى الانتخابات، التي ستقرر مصيره، والتي لم يبق عليها سوى أسابيع قليلة، حقا لديه معلومات عن تهريب مثل هذه الاسلحة من العراق الى سوريا لابعادها عن عيون المفتشين، فلماذا لم يبادر الى قصفها وهي في الطريق ليكرس نفسه بطلاً اسرائيلياً فريداً ويفوز في هذه الانتخابات بدون اي منافس ولا منازع.

شارون يعرف ان ما قاله غير صحيح، والولايات المتحدة التي يحاول رئيس الوزراء الاسرائيلي خداعها وجرها لمواجهة اخرى تعرف ان هذه احدى الاعيب وحيل هذا الرجل المحتال والمخادع، وهي تعرف، ايضا، ان سوريا منذ بدايات عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد ليست من الدول التي تسير الى حتفها بأنفها، وليست من الدول التي يمكن استدراجها الى شبكة الخصم بسهولة.

على مدى أكثر من ثلاثين عاماً واجهت سوريا مواقف في غاية الصعوبة وتعرضت لامتحانات قاسية وخلال كل ذلك اثبتت قدرة فائقة على احتواء كل التحديات وكانت دائماً تتقدم في اللحظة المناسبة وتتراجع ايضا في اللحظة المناسبة ولم يسجل عليها اطلاقا انها «ركبت رأسها» أو عاندت في أمر تعرف أن عواقبه ستكون وخيمة.

لعبت سوريا لعبة التوازن خلال حرب الخليج الأولى ببراعة هائلة، فكسبت ايران دون ان تخسر دول الخليج، ودمرت العمود الفقري للاخوان المسلمين عندها وبقيت علاقاتها بفصائل الحركة الاسلامية جيدة، ودخلت مع ياسر عرفات في صراع مرير وواجهته في طرابلس في الشمال اللبناني ولكن من خلال الفصائل الفلسطينية المعارضة.. أحمد جبريل وأبو خالد العملة وأبو موسى وغيرهم.

دخلت الى لبنان في عام 1976 كمخلص وعززت دخولها بقرار عربي وموافقة سوفياتية وسكوت اميركي واضطرار اسرائيلي وترحيب من الموارنة في ذروة دعواتهم «الانعزالية».. انها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تستخدم اوراقها بفعالية عالية وبتفوق هائل والتي تجمع الشتاء والصيف فوق سطح واحد.

بقيت تتمسك بعبد الله اوجلان وظاهرته الى ان شعرت بأن الحرب مع تركيا باتت وشيكة ومسألة ساعات وايام فتخلت عنه، غير مأسوف لا عليه ولا على تنظيمه، وانتقلت علاقاتها بجارتها الشمالية وفي ما يشبه السحر من العداوة اللدودة الى الصداقة الحميمة.

إما ان شارون غبي او انه يتغابى ويستغبي الولايات المتحدة والعالم بأسره، فسوريا التي تعرف تماماً أين تضع قدمها ومتى، لا يمكن ان تقع في هكذا غلطة قاتلة، ولا يمكن ان تضع نفسها في خندق صدام حسين ولا في سفينة غارقة، وبخاصة في هذه الظروف الحرجة والخطرة والدقيقة.. التي ينطبق عليها المثل العربي: «أنج سعد فقد هلك سعيد».