ضرب زيد عمرو خالد

TT

انه داعية الدايت والمترع بالنرجسية وسحر الكهان وقاعدة الهوس وداعية السموكن وراسبوتين الفضائيات.

هذه عينة بسيطة لكوم هائل من السباب والشتائم التي كالها ويكيلها عدد من الكتاب العرب للداعية الظاهرة عمرو خالد، وهي اوصاف وان بدت سوقية وسخيفة الا انها سلالم شاهقة تسلقها عمرو ـ وهو لا يقصد ولا حتى خصومه يقصدون ـ الى مجد الشهرة وذياع الصيت وهما بالتأكيد عاملان مهمان لتسويق عطاءاته وترويج نتاجه وهو بالضبط ما يريده عمرو ويغيض خصومه:

واذا اراد الله نشر فضيلة طويت اتاح لها لسان حسود.

الحق يقال أنني عينة لآلاف وربما لعشرات الألوف من الذين ساقتهم هذه الشتائم للبحث عن عمرو خالد.. عن شخصيته وتاريخه واحاديثه ومحاضراته واشرطته ومتابعة عطاءاته على الانترنت او حتى الفضائيات ان سنحت الفرصة. ولقد كنت في الماضي احاول ان اجد مبررا ولو متكلفا لهؤلاء الذين ينتقدون او حتى يشتمون بعض العلماء او الدعاة او المفكرين، فكنت اظن ان الداعية لا يكون هدفا لحملة تشهير او شتم الا اذا اقتحم تقاطعا تتشابك فيه خطوط العقائد المختلفة، او حشر نفسه في مسائل فقهية مثيرة للجدل، او احرق اصابعه في لجة السياسة المضطربة، او خاض جحيم الطرح الجهادي الملتهب، او دعا الى تغيير يتجاوز الكلمة. ولقد حاولت ان احشر عمرا في هذه الخانات الساخنة او احداها لتبرير هذه الحملة الشرسة عليه فأعيتني الحيلة.

عمرو خالد داعية رقيق كل حديثه في الرقائق ، ولقد دلفت موقعه الرسمي على الانترنت (www.amrkhaled.net) فعمدت الى اخذ عينة عشوائية لمحاضراته فكانت هذه مواضيعها الاحسان ـ التواضع ـ الأمانة ـ الحياء ـ الايثار ـ الوفاء. اذاً فما الذي يثير القوم في هذه المواضيع؟ الا اذا فهموا على انها الاحسان الى الارهابيين والحياء من المتشددين والأمانة في حفظ اسرار القاعدة، والاحسان الى جماعات العنف، والوفاء بالتزامات التفجير.

عمرو خالد داعية حالفه التوفيق كثيرا في مخاطبة فئات من الشباب والشابات لم تستطع الوصول اليهم اعداد كبيرة من العلماء والواعظين والدعاة وهم اغزر منه علما وامكن منه في التقعيد والتنظير والتأصيل، كما ان عمرا لم يصل الى ما وصل اليه عبر طرح المسائل الدينية المثيرة للجدل او من خلال تحدي السلطات بخطب منبرية حامية كما انه لم يكن له هذا القبول بسبب مجاملات او مداهنات او تنازلات، انه امر لافت للنظر ان يكون له هذا الجمهور الكبير وهذا الزخم الاعلامي الهائل وهو يحصر حديثه فقط في الرقائق والايمانيات.

كان بودنا لو ان شانئيه وحاسديه ومن احرقت قلوبهم نجاحاته واوغرت صدورهم رغبة الجيل في طروحاته قد اشغلوا انفسهم بدلا من سبه وشتمه ومضايقته ان يتساءلوا كيف تسنى لهذا الداعية الانيق ان يكتسح جمهورا تسلطت عليه آلة اعلامية، ان قاوم اباحيتها مرة هاجمته في فكره وعقيدته تارة اخرى، ثم يخرج من بين انقاض هذا الدمار جيل من الشباب يعلن غضبه على هذا الواقع بالالتفات الى مثل عمرو خالد.

لقد احترنا في هؤلاء الناقمين على عمرو وغير عمرو، فحين يتصدى للدعوة العلماء من ذوي المناصب يتهمونهم بأنهم يشترون بآيات الله قليلا، وحين يبرز للدعوة شيوخ مستقلون شديدو الصراحة ينعتونهم بتفريخ المتطرفين واحداث الفتن، وان ظهر في الفضائيات دعاة ملتحون متعممون رموهم بالتخلف وبأنهم ديناصورات القرون الوسطى، وان اطل من الشاشة أنيق حليق يلبس البدلة المرتبة وربطة العنق المنمقة مثل عمرو خالد وصموه بالموديرن وداعية الخمس نجوم والواعظ الارستقراطي، والذي يظهر أنه لن يرضيهم حتى لو تصدى للدعوة مثل عمرو دياب او خاطبتهم بالرقائق باسكال الشرق الأوسط.