لولا.. وتحديات البرازيل

TT

لو كان بناء الدول يتم بالنوايا الطيبة لقلنا ان البرازيل على ابواب اصلاح سياسي واقتصادي كبير بعد فوز الرئيس لولا داسيلفا بالانتخابات الرئاسية.

الرئيس البرازيلي يمثل قضية نجاح فردية تستحق الاعجاب، فالرجل بدأ حياته العملية ماسحا للاحذية في الشوارع الفقيرة الخلفية وانتهى رئيسا لبلاده بعد ان كان عاملا للصلب ونقابيا استمد شعبيته من بساطته ونظافته، ونجح في اقناع اكثر من مائة وخمسة عشر مليون ناخب برازيلي بانتخابه رئيسا للبلاد.

طموحات الرئيس الجديد تعكس واقع الازمة الاقتصادية الطاحنة في البرازيل، فهو يعتقد انه اذا استطاع قبل نهاية مدة ولايته توفير وجبات الفطور والغداء والعشاء لكل برازيلي، فان هذا يمثل نجاحا كبيرا، وهو صادق في طرحه. ففي بلد لا يحصل فيه الناس على الحد الادنى المطلوب من الغذاء تصبح كل القضايا الاخرى من الكماليات.

الرئيس لولا ومعه ملايين المحتفلين بفوزه نسوا في غمرة الفرح العارم بنجاحه حقيقة الازمة الطاحنة بالبلاد. واذا انتهت الاحتفالات وذهبت السكرة وجاءت الفكرة سيجد الرئيس المنتخب على مكتبه في اول يوم عمل ارقاما تقول ان العملة البرازيلية انخفضت بنسبة 40% مقارنة بالدولار، وان البلاد تشهد معدلات فلكية في التضخم، وان معدلات الاجور لا تتجاوز خمسة وسبعين دولارا، وان الجوع والأمية هما اخطر عنوانين للحياة في البرازيل.

الامم المتأزمة تعيش لحظة صفاء في تاريخها ولحظة أمل في مواجهة الواقع المتأزم، فتقوم بالتعبير عن نفسها إما باسقاط ظالم، او تنصيب شخص يمثل الامل في الخلاص، ولكن نادرا ما يتزامن ذلك مع مشروع اصلاح حقيقي وواقعي بعيدا عن الامنيات والاحلام الجميلة. والرئيس البرازيلي الجديد سيضاف اسمه الى قائمة الشخصيات الوطنية والمخلصة التي وصلت الى السلطة عبر الوسائل الشرعية والسلمية، ولكنها واجهت الواقع السياسي والاجتماعي لمجتمعاتها واصطدمت بقوى الفساد السياسي والمالي، وبتعارض المصالح، وغياب الرغبة في التضحية عند قطاعات واسعة في المجتمع. وفي حالة البرازيل فان المشكلة اكبر حيث تبلغ ديون البرازيل 60% من اجمالي الناتج المحلي، وهو امر يحتاج الى عمل اشبه بالمعجزة.

البرازيل احتفلت بالرئيس لولا كما تحتفل عادة بانتصاراتها الكروية بالرقص والالوان والمسيرات الحاشدة، ولكنها احتفلت وهناك ملايين الجوعى والعاطلين والفقراء الذين لا يمكنهم ان يأكلوا الشعارات ويقتاتوا على الاحتفالات الصاخبة.