رسالة مصرية في موعدها

TT

تثير ردود الفعل الاسرائيلية بعد قرار مصر استدعاء سفيرها في تل ابيب احتجاجا على ما يحدث ضد الفلسطينيين الحيرة فعلا، فاذا كان استدعاء السفير عملا خطيرا، كما قال شلومو بن عامي وزير خارجية اسرائيل، فهل ما تفعله القوات الاسرائيلية من قصف وقتل يومي للفلسطينيين عملا ليس خطيرا؟

ولا يستطيع احد ان يتهم مصر بالتهور او التشدد، فقد كانت سياستها في الاحداث الاخيرة محاولة التهدئة، واحتواء الموقف لادراكها ان الانعكاسات خطيرة للغاية على المنطقة كلها، وحافظت على صبرها رغم الدعوات والضغوط لسحب السفير وحتى قطع العلاقات، وذلك على امل ان يعود العقل للقيادة الاسرائيلية، لكن للصبر حدودا، والهجمات الصاروخية التي شنتها اسرائيل على غزة ومقار القيادة الفلسطينية قبل يومين كانت بمثابة جنون كامل يجب ان يجري الرد عليه.

ان اسرائيل لم تترك اي فرصة او نافذة امام الاطراف العربية الحريصة على استمرارية عملية السلام لكي تقول شيئا امام الرأي العام الغاضب الذي يرى الصور الحية لما تفعله القوات الاسرائيلية يوميا ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويبدو ان القيادة الاسرائيلية تتصرف بانفعال وتهور تام، فهي تستخدم آلتها الحربية بكل شراسة ضد فلسطينيين عزل لا يملكون سوى الحجارة او اسلحة بسيطة في معركة ارقام الضحايا فيها تشير بوضوح الى المعتدي والمعتدى عليه. وهي ايضا لم تحترم الاتفاقات التي التزمت بها في شرم الشيخ بسحب قواتها الى المواقع السابقة على اندلاع الانتفاضة.

لذلك فانه كان لا بد من توجيه رسالة واضحة الى تل ابيب على نمط الرسالة المصرية باستدعاء السفير من اجل افهام رئيس حكومة اسرائيل باراك ان مسلسل القتل هذا لا يمكن ان يستمر بدون رد فعل، وان هناك ثمنا ستدفعه تل ابيب طالما استمرت في ممارساتها الرعناء هذه.

وفضلا عن ذلك فان استدعاء السفير المصري قد يكون وسيلة لافاقة تل ابيب من سكرة القوة التي اعمتها عن حقيقة رئيسية هي انها لن تحقق شيئا من ذلك، فالفلسطينيون لم يخافوا، بل على العكس تصاعدت الانتفاضة بينما الحل الوحيد الذي سيؤدي الى وقف العنف هو انسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضي الفلسطينية. فهل تستوعب اسرائيل الرسالة، ام انها تحتاج الى رسائل اخرى تفيقها.