لئلا يتأخر الأمر!

TT

يبدو ان العالم اقتنع اخيرا بأن ظاهرة التسخين الحراري بدأت تعض بنابها على العالم، مما دفع الدول لعقد مؤتمر في لاهاي اخيرا لمناقشة المسألة، فغرق في المناقشات بدلا من الحلول.

الامر الآخر الاكثر اهمية صدور تقرير من الاتحاد الاوروبي يحذر من تحول شمال اوروبا في المستقبل القريب الى منطقة مشمسة تماما على مدار العام، اشبه باليونان مثلا، في حين تتحول منطقة حوض البحر الابيض المتوسط الى منطقة حارة جدا غير مريحة للسكن.

وهذه التوقعات صحيحة جدا. فالذي يراقب درجات الحرارة العالمية على التلفزيون يلاحظ أن درجة الحرارة في بيروت مثلا هي 24 درجة مئوية، وفي الاراضي الفلسطينية المحتلة 26. فمنذ متى كانت درجة الحرارة في مثل هذا الفصل من العام، ونحن نقترب من نهاىته، تصل الى هذا الحد؟

ثم ان الفيضانات التي اجتاحت اوروبا هذا الشهر كانت دليلا آخر على التغيرات الجذرية التي تحصل في مناخ الارض، والتي ستترتب عليها تبعات بيئية خطيرة جدا.

العلماء والخبراء من جهتهم يقولون انهم ادوا واجبهم كاملا. فهم منذ 30 عاما تقريبا، يحذرون العالم من العواقب الوخيمة التي تنتظرنا جميعا.

اما السياسيون، ومنهم جورج بوش الذي قد يتربع قريبا على مقعد رئاسة اكبر دولة في العالم واقواها، والمسؤولة عن معظم الضرر الحاصل، فما يزالون يطالبون هؤلاء العلماء باجراء المزيد من الابحاث للتأكد من صحة المشكلة وحجمها، في الوقت الذي يتفاقم فيه الضرر الذي لا تحتمل معالجته اي تأخير.

فقد اجريت اطنان من الابحاث العلمية والدراسات ورفعت التقارير المختلفة، لتؤكد ان التسخين الحراري بات امرا واقعا منذ فترة ليست بالقصيرة، وان العالم، ولا سيما الجزء الصناعي منه، يصم اذنيه ولا يريد ان يصغي الى صوت العقل. فالمشكلة اذا تضاعفت ولم تحل في اسرع وقت، سيصبح الامر متأخرا جدا ولا يصلح معه أي حل.

ان على الانسان اليوم ان يفكر جديا في مسألة بقائه ووجوده على هذا الكوكب والعمل على منع تفاقم الامور وتحولها الى الاسوأ، ولو على حساب صناعته المتطورة، وبالتالي راحته ورفاهيته التي سببت كل هذه الكارثة، اذ يجري حاليا انقراض الفصائل الحياتية من نبات وحيوان بسرعة مذهلة، فقد اختفت عن الوجود في مئات السنوات الأخيرة آلاف الفصائل نتيجة عبث الانسان، وما تبقى منها يسير الى المصير ذاته بالسرعة ذاتها. والدليل على ذلك ظاهر في البقايا والمتحجرات التي تظهر لنا حجم الخسارة الكبيرة.

من هنا تتوجب المبادرة الى القيام باجراءات حاسمة وتنفيذها فورا بدلا من انتظار المزيد من الدراسات والابحاث، وبالتالي اطلاق حملة توعية شاملة لسكان الارض جميعهم، حكامهم قبل شعوبهم، وابلاغهم اننا اعداء انفسنا ولا بد من اصلاح الوضع بأي ثمن، ولو كان باهظا جدا.