من أحداث الأسبوع

TT

* عقد ديوان الكوفة بلندن ندوة عن فلسطين بمناسبة عودة د. محمد مكية منها. وكان قد وصلها يوم انطلاق الانتفاضة الحالية. استمعنا اليه في حديث ذي شجون. شعرت بفظاظة الحكم الاسرائيلي مما سرده ابو كنعان عن المعاملة الفجة التي تلقاها في المطار، ان يجري استجواب وتفتيش وتأخير رجل في مثل عمره ومكانته العالمية كمعماري وفنان يزور فلسطين لمجرد الاطلاع على تراثها المعماري.

الشيء الآخر الذي شعرت به في الندوة هو مدى سلوك الاسرائيليين في اطار خلفيتهم ومعاناتهم التاريخية. من تبعات هذه المعاناة ما تلقوه من نصارى اوروبا بالنسبة لدفن موتاهم. لم يسمحوا لهم بذلك خارج احيائهم اليهودية (الكيتو) فربما تدنس جثثهم الارض المسيحية! من المعالم السياحية لمدينة براغ المقبرة اليهودية. فعندما خططوا لهم الكيتو، خصصوا بقعة ضيقة لدفن موتاهم. بالطبع ضاقت المقبرة بهم فأخذوا يدفنونهم واحدا فوق الآخر، ويضعون شاهدا فوق الآخر بما اعطى المقبرة عنصرها السياحي الحالي الذي تفرجت عليه مؤخرا. يفعل الاسرائيليون الان نفس الشيء بالنسبة للعرب. خصصوا لهم بقعة ضيقة في الناصرة لا يجور الدفن خارجها. وبعد ان ضاقت بهم، اخذوا ينبشون من مات بالامس ليدفنوا محله من مات في اليوم. او يضمونه اليه مصداقا لكلمات المعري: ودفين على بقايا دفين، ضاحك من تزاحم الاضداد.

* ولكن اليهود استطاعوا الآن تحويل معاناة الامس الى منجم للذهب، او بقرة يحلبونها كل يوم. يجود عليهم العالم الغربي بأي شيء يطلبونه تعويضا عما حصل لهم، ويتجاهلون كليا ما حصل لغيرهم. غير ان النمساويين فطنوا لحقوق غيرهم ممن لم تقل معاناتهم عن اليهود في شيء. اقاموا اخيرا اجتماعا تذكاريا امام احد معسكرات الاعتقال النازية في ذكرى النصف مليون غجري الذين ابادهم النازيون في افران الغاز وتناساهم العالم كليا. لم اسمع بعد عن اي تعويض دفع للغجر، او وطن قومي اعطوه لهم، او غواصات ودبابات اهدوها لهم.

* لا ادري ما هو هذا الهوس بجثث الموتى، ولا سيما عندما نكون قد اهملنا اصحابها كليا وهم احياء. هناك موضة عالمية الآن للبحث عن الجثث. حتى الرئيس كلينتون ذهب الى فيتنام وراح يطوف الارياف يبحث عن جثث من قتلوا هناك. ما الذي سيفعلونه بها عندما يجدونها؟ لا شيء غير نقلها الى اميركيا لتحرق.

اعجب من ذلك ان واشنطن تنفق سنويا 19 مليون دولار للبحث عن هذه الجثث وتعطي كل سكان فيتنام مساعدة لا تزيد على ثلاثة ملايين. كل ميت اميركي يساوي ستة احياء فيتناميين.

* لكل امة ما تعتز به. وهذا عنصر جديد للاعتزاز القومي. تقدم الرئيس الارجنتيني دي لاروا بطلب للامم المتحدة لحماية رقصة التانكو الشهيرة التي ابتدعها الارجنتينيون في الثلاثينات وتلاقفها العالم الذي وقع في سحر الحانها الدرامائية بطلت موضتها منذ سنين، ولكن حركة جرت مؤخرا لاحيائها شابها الكثير من التشويه والتأكيد على الجنس والخلاعة في الرقصة. شعرت الحكومة بواجبها لصيانة حرمة هذه الرقصة فأسست الاكاديمية الملكية للتانكو برئاسة هوراشيو فيرر الذي وصف التانكو بانها اشبه بجرس يرن دون انقطاع في بيت فارغ من الناس! تماما مثل مقررات المؤتمر الاسلامي في قطر.