النموذج البرازيلي

TT

كان كالبعبع لأصحاب الأعمال وكالخبر النحس بالنسبة للمستثمرين، ومع ذلك فان البورصة البرازيلية استقبلت الرئيس البرازيلي الجديد بزيادة 50% في اسعار اسهمها. فما الذي حدث؟

اذا حكمنا بظواهر الامور فان الرئيس البرازيلي الجديد، لويس ايناشيو لولا دا سيلفا، المعروف اختصارا باسم لولا، يمكن ان يكون بالفعل بعبعا بالنسبة لأصحاب الاعمال. فقد كان في ايام شبابه ناشطا يساريا يتفجر حماسا، وكان من اشد رؤساء اتحاد العمال البرازيلي راديكالية خلال اكثر من عقد. وقد نظر اليه الكثيرون في واشنطن، كفيدل كاسترو برازيلي، لا ينقصه في ذلك سوى اللحية والزي العسكري ذي اللمسة المسرحية.

قبل اسابيع قليلة عندما تناولنا العشاء مع الرئيس الفنزويلي، هيغو تشافيز بباريس، كان لولا من المواضيع الهامة التي تطرق اليها الحوار. وكان رأي تشافيز ان لولا يمكن ان يكون العامل المركزي في «محور الخير» بأميركا اللاتينية، لأنه يمكن ان يثبت ان سياسات اليسار لا تقود دائما الى الافلاس والقمع السياسي.

وربما لا يكون تشافيز، الذي يتميز بنزعته اليسارية الصبيانية الخاصة، بعيدا كثيرا عن الحقيقة كما تصورناه قبل عدة شهور. فربما ينجح لولا بالفعل في انقاذ البرازيل من حافة الافلاس، باقناع الناس بقبول نوع من الاصلاحات يتعذر عليهم قبولها من رئيس يميني. وكان الكاتب الايرلندي الساخر، برنارد شو، قد قال قبل ثمانين عاما، ان الاشتراكيين هم خير من يدير اقتصادا رأسماليا. وخلال العقود الثمانية الماضية اتضح ان شو كان مصيبا في كل الحالات التي ادار فيها الاقتصاد الاوروبي مديرون اشتراكيون من الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية التي انقذت الرأسمالية في لحظات أزماتها العصية.

ولكن هذا النموذج لم يجرب في اميركا اللاتينية، حيث حاول الزعماء اليساريون الوصول الى السلطة، في الغالب الاعم، عن طريق حرب العصابات وليس عن طريق الانتخابات، ولذلك فان تجربة لولا تعتبر تجربة جديدة كليا، ولذلك تلقى الترحيب الحار من قبلنا. ومن الامور المؤسفة ان العالم لم يقيم بدقة اهمية صعود لولا الى سدة الرئاسة بالبرازيل. وبالطبع فان الرئيس الجديد يواجه مصاعب حقيقية، وربما يفشل في نهاية المطاف في تحقيق برنامجه الواعد بالعافية المالية والكرم الاجتماعي. ولكن من مصلحة الجميع ان ينجح الرئيس الجديد في هذا المشروع، حتى لو اقتصر ذلك على شيء واحد فقط: ضمان قدر كاف من المرونة للنظام الديمقراطي بحيث يعطي الفرصة كاملة لنجاح هذه التجربة الراديكالية التي جاءت عن طريق الانتخابات.