تركيا.. تمد يدها

TT

ما اعلنه الامين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى عن طلب تركي للانضمام الى الجامعة بصفة مراقب يمثل تحولا ايجابيا في الموقف التركي من العرب، ونعتقد ان رد فعل بعض العواصم العربية المتعجل على الطلب التركي والذي هاجم تركيا وذكرها بموقفها من قضايا المياه واسرائيل وغيرها هو موقف انفعالي وبعيد عن الحكمة.

نعم هناك مواقف تركية سيئة من جيرانها العرب وخاصة في قضايا المياه والعلاقة مع اسرائيل، ولكن هناك تغيرات في تركيا يفترض بنا ان نلتقطها وان نستفيد منها ونشجعها وخاصة مع الجولة الجديدة لرئيس الوزراء التركي الى عدد من العواصم العربية، وما طرحه في هذه العواصم من مواقف ايجابية تستحق التأييد والمتابعة لاعادة تركيا الى محيطها الذي حاولت حكومات تركية عديدة ان تتنكر له، بل تسابقت حكومات تركية كثيرة على التبرؤ من جغرافيا وتاريخ تركيا وتسابقت على التقرب من اسرائيل والتعامل بعنجهية مع جيرانها العرب.

الرد العربي على طلب تركيا الانضمام بصفة مراقب الى الجامعة العربية يجب ان يقابله العرب بعقلانية وان يقرأوه كبادرة حسن نوايا، واذا قرروا الاعتذار لتركيا فيجب ان يتم ذلك بروح المسؤولية وليس بردود الفعل التي سمعناها والتي تنم عن سوء تقدير، ولسنا بحاجة الى ان يقول مصدر دبلوماسي عراقي ان هذا الطلب «سخيف» وان يذكرنا بأن تركيا «تنتهك سيادة العراق وتتجاهل مبادئ علاقات الجوار»، فتركيا قامت بما هو اسوأ من ذلك في تحالفها مع اسرائيل وفي محاولة السيطرة على المياه وحرمان سورية والعراق من حقوقهما، ولكن التطورات الداخلية التركية ونتائج الانتخابات الاخيرة تستحق التعامل معها بايجابية عبر عمل عربي مشترك لتحسين العلاقات مع تركيا.

ازمات العرب مع جيرانهم يجب حلها عبر الحوار الايجابي، فالعراق خاض حربا مدمرة ضد ايران، واليمن دخل في ازمة حقيقية مع اريتريا وتم حلها بطريقة حضارية، والمغرب لديه مشكلة اراض مع اسبانيا، وتركيا لها مشاكل حدود ومياه مع العراق وسورية، وعدد من الدور المغاربية العربية لها مشاكل مع فرنسا. فاذا اضفنا الى ذلك مشاكل العرب بين بعضهم البعض فان الصورة تبدو قاتمة، ومن هنا فإن تحسين العلاقات مع دولة مهمة مثل تركيا هو مسألة استراتيجية قد تساعد على فك الارتباط مع اسرائيل وعلى تأكيد وتشجيع الموقف التركي الرافض لتقسيم العراق، وعلى الجلوس الى مائدة مفاوضات لحل مشاكل المياه مع العراق وسورية. وتركيا تمد يدها الآن للعرب وعليهم رد التحية بالمثل.