بين تهديد من قارئ و«مواجهة» تلفزيونية

TT

من بين عدة رسائل حملها اليَّ البريد الإلكتروني في الاسبوع الماضي، رسالة من قارئ يعلق فيها على مقال لي نُشر منذ عام حملت فيه على حركة «طالبان» لأنها خلال سنوات حكمها لأفغانستان تعاملت مع النساء وكأنهن حيوانات ولسن بشرا.

قارئي الكريم صبَّ عليَّ لعنات الله و«بشَّرني» بـ «عذاب أليم» وبأني سألقى حتفي «قريبا جداً جداً».

ما كنت سأتناول امر الرسالة التي تلقيت في الماضي عددا «لا بأس به» من رسائل مماثلة لها، لولا أنني شهدت الليلة قبل الماضية بثاً معاداً للحلقة الاخيرة من برنامج «مواجهة» في فضائية ابوظبي . فقد كانت مواجهة مؤسفة بين النائب العربي في الكنيست الاسرائيلي احمد الطيبي وزميله (الدرزي) ايوب قرّة لم استطع مواصلة متابعتها لأنها أسفّت كثيرا وتجاوزت ليس فقط قواعد اللياقة وانما ايضا القوانين المكتوبة والاعراف المتبعة والمتعلقة بعمل وسائل الاعلام.

حتى في اكثر البلدان ديمقراطية وتمسكا بحرية تدفق الاعلام، ممنوع منعا باتا تبادل السباب والشتائم عبر هذه الوسائل. وهذا حق مقدس للقارئ والمشاهد والمستمع لا يجوز المس به في اي حال وتحت اي ظرف. وكان يتعين على مقدم برنامج «مواجهة»، الذي جاهد من اجل وقف سيل السباب الذي انطلق من الطيبي، ان يهدد بوقف بث البرنامج وان يوقف البث فعلاً بعد استمرار الطيبي في شتائمه المقذعة لزميله.وكان على ادارة الفضائية والجهاز الفني فيها ان يوقفا البث بعدما فشل مقدم البرنامج في الاقدام على ذلك.فأسلوب الشتائم غير مقبول حتى في الشارع. فما بالك اذا استخدم التلفزيون وسيلة له؟

القضايا الخاسرة فقط، والقضايا غير العادلة فقط، هي التي يلجأ اصحابها في العادة الى محاولة كسبها بالتهديد والتخويف والابتزاز والقوة او بالشتائم وتلفيق الاكاذيب.

لا اظن ان احدا ممن يحترمون انفسهم قد قبل بأسلوب الشتائم الذي استخدمه الطيبي لتصفية حساباته (السياسية او غير السياسية) مع زميله.ولا اتوقع ان احدا يحترم نفسه سيوافق، قارئي الكريم، على اسلوب التهديد والترهيب الذي لجأ اليه معي.

اسلوب الطيبي لا يخدم القضية التي يتبناها، واظن ان زميله سيستفيد من الخطأ الذي ارتكبه، مثلما جعلتني رسالة قارئي والرسائل السابقة المماثلة أعزز في نفسي القناعة بأن الحرب الدولية على الإرهاب مبررة تماما.

دائما هناك اسلوبان للتعبير عن الآراء والافكار وطرح القضايا، احدهما متحضر يقوم على الجدل والنقاش والسجال وتبادل الحجج والادلة، وثانيهما متخلف يستند الى وسائل المهاترة والعنف والارهاب. ومن المؤسف للغاية ان نظل، نحن العرب والمسلمين، حتى في مطلع القرن الحادي والعشرين نفضل الأسلوب الثاني ونقوم بتعميمه عبر وسائل الاعلام الكبرى.

[email protected]