رسالة مؤتمر لندن

TT

رغم محاولات الحكومة الاسرائيلية عرقلته، بدأ مؤتمر لندن حول إصلاح السلطة الفلسطينية اعماله بمشاركة وفود من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وروسيا ومنظمة الامم المتحدة. اسرائيل من جانبها قاطعت المؤتمر، الذي ينعقد برعاية رئيس الحكومة البريطانية توني بلير، ومنعت السلطة الوطنية الفلسطينية من إرسال وفد للمشاركة في اعمال المؤتمر.

وهكذا، فقد بدا واضحا منذ بداية المؤتمر ان نهج اسرائيل السلبي والهدام هو العقبة الرئيسية أمام إصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية.

اسست القيادة الحالية للسلطة الفلسطينية بمساعدة مباشرة من حكومة وحدة وطنية اسرائيلية ابتداء من منتصف عقد التسعينات. لذا، فإن إلقاء اسرائيل مسؤولية الفشل في إقامة «مؤسسات ديمقراطية» على الفلسطينيين لا يعدو ان يكون نوعا من المخادعة.

ولعله من المخادعة ايضا ان تصر اسرائيل الآن على ان تسبق عملية إصلاح مؤسسات القيادة الفلسطينية أي عودة الى محادثات السلام على اساس صيغة الدولتين التي اقترحها الرئيس الاميركي جورج بوش.

ليس ثمة شك في ان الفلسطينيين في حاجة الى قيادة اكثر قوة وتمثيلا للعمل في إطار دستور حديث، اذ ان أي حكومة غير تمثيلية قائمة على اساس الولاء الشخصي تكون مصدرا للضعف لأي دولة في حالة ازمة كما هو الحال في تجربتي العراق وكوريا الشمالية في الوقت الراهن.

من الواضح ان قضية الإصلاح تتمتع بتأييد قوي وسط الفلسطينيين، بيد ان ترجمة ذلك الى عمل ملموس تتطلب منح الفلسطينيين فرصة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. ولكن إجراء مثل هذه الانتخابات يعتبر ضربا من الاستحالة في ظل استمرار الاحتلال العسكري الاسرائيلي للضفة الغربية واستعراض العضلات المستمر في قطاع غزة.

مؤتمر لندن على حق في لفت انتباه العالم الى الحاجة الماسة الى صيغة تسحب اسرائيل بموجبها وجودها العسكري في المناطق المحتلة كي يتمكن الفلسطينيون من إحياء نظامهم السياسي وعقد انتخاباتهم.

من الواضح ان شارون كان يأمل في ان يؤدي التركيز على قضيتي العراق وكوريا الشمالية الى صرف الانظار عن القضية الفلسطينية حتى يتمكن من الاستمرار في مخططاته الخطرة، بيد ان مؤتمر لندن اظهر ان هذا الامر غير ممكن، اذ ان المسألة الفلسطينية تأتي في قلب السياسة الاقليمية. ما لم تعالج هذه القضية بروح حسن النية والواقعية من جانب الاطراف كافة، سيكون الامل ضئيلا في تحقيق ما ينظر اليه الرئيس بوش كونه «بناء جديدا للسلام والاستقرار» في الشرق الاوسط.