العودة إلى الشفافية

TT

عاد التصعيد الى لهجة الحرب على العراق في أعقاب اعلان المفتشين الدوليين اكتشاف رؤوس كيماوية فارغة ـ وإن غير مجهزة للاستعمال ـ والعثور على مستندات في منزل أحد العلماء الفيزيائيين العراقيين، قيل انها تتعلق بتكنولوجيا لتخصيب اليورانيوم.

وفي هذا الوقت تحديدا، يعود كبير مفتشي الاسلحة الدوليين، هانس بليكس، ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، الى بغداد، بعد جولة في عدد من العواصم الغربية ناشدا فيها العراق ابداء المزيد من «التعاون الفعال» مع عمليات التفتيش الدولية. كما أعرب بليكس عن شكه في أن يكون عدد من الاسلحة الكيماوية والبيولوجية العراقية «قد دمر تماما». وبدوره تساءل البرادعي عن الاسباب التي أدت الى اهمال العراق التحدث عن وثائق التخصيب النووي المكتشفة والتي تعود، كما قال، الى حقبة الثمانينات.

وبموازاة التصعيد الاميركي ـ البريطاني في الخطاب الحربي وتشكيك المفتشين الدوليين في دقة المعلومات العراقية المقدمة لهم، تطرح دول الجوار العراقي مبادرات لوقف الحرب قبل قليل من اندلاعها. كما ترتفع في العديد من الدول الاوروبية والآسيوية دعوات للعمل على الحؤول دون نشوب حرب لن يسلم العالم من تبعاتها، وربما الى سنوات مقبلة.

في هذا المنعطف الدقيق في عملية شد الحبل بين دعاة الحرب ودعاة السلام، تبرز أهمية الزيارة الراهنة التي يقوم بها لبغداد كبير مفتشي الاسلحة، ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فاجراءات التفتيش التي اشرفا عليها أظهرت فعاليتها وأكسبت فريقهما مصداقية دولية لم تكن في حسبان بعض عواصم القرار الدولي، مما يسمح بالاستنتاج ان خيار الحرب أو السلام قد يتوقف، الى حد كبير، على تقريرهما النهائي حول التزام العراق بالقرار الدولي .1441 من هنا تكمن أهمية تحرك بغداد، في هذا الظرف، باتجاهين متوازيين: الاول، اتجاه تكثيف الاتصالات مع بليكس والبرادعي لاقناع العالم، عبرهما، بأن العراق جاد في التزامه نزع اسلحة الدمار الشامل، والثاني اتجاه التواصل مع دول الجوار للعمل على تجنيب العراقيين حربا مكلفة للجميع، والعالم العربي خاصة، ولن تخرج منها منتصرة الا اسرائيل.

على هذا الصعيد، يشجع تأكيد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ـ في سياق زيارته الى طهران أمس ـ ان «العراق يبحث عن حل سلمي» للأزمة «ولا يريد الحرب» على توقع تعامل القيادة العراقية مع زيارة بليكس والبرادعي الراهنة على انها فرصة العراق المتاحة لاعادة تصحيح الصورة التي اشاعتها عمليات التفتيش الاخيرة وللتأكيد ان التعاون الرسمي مع المفتشين الدوليين يتسم بشفافية تقطع الطريق على اي استغلال متعمد لـ«ثغرات» أو «هفوات» في البيانات العراقية، كما تقطع الطريق، بالتالي، على دعاة الحرب والتدمير.