أهمية الدعوة التركية!!

TT

مع ان الدعوة لاجتماع اقليمي على مستوى قادة الدول المحيطة بالعراق جاءت متأخرة كثيرا، إلا انها تبدو ضرورية وهامة، و«ان تأتي متأخرة خير من ان لا تأتي ابداً». فهذه الدول، الاردن وسوريا والمملكة العربية السعودية ومصر وايران وتركيا، معنية بالتطورات المرعبة التي قد تطرأ على القضية العراقية، فأصابع هذه الدول جميعها في النار، والزلزال العراقي المتوقع ستصل ارتداداته اليها كلها بالتأكيد.

إذا لم تتأثر هذه الدول جميعها بما قد تؤدي اليه هذه الحرب المرتقبة من تغيرات وتخلخلات ديموغرافية، فإنها ستتأثر، حتما، من النواحي الاقتصادية والامنية، وانها ستواجه انفجارات اقليمية اذا لم تتفق، منذ الآن، على ما هو ممكن وما هو غير ممكن وما هو جائز وما هو غير جائز.

لا بد ان تنسق هذه الدول جهودها لمنع وقوع الحرب. ولا بد ان تتفق على موقف موحد بالنسبة لهذا الامر. ولا بد من ان تحدد مواقفها، مجتمعة ومتفرقة، ان هي عجزت عن حل الازمة العراقية سلميا، أما ان يبقى الوضع على ما هو عليه الآن، وتقع الحرب بينما الوضع الاقليمي في هذه الحالة، فإن دائرة الخطر قد تتسع لتشمل هذه الدول كلها، وان كان هذا بنسب ومقادير متفاوتة.

كل الدول العربية المحيطة بالعراق، بالاضافة الى ايران، لا تريد تدخلا عسكريا تركيا في الازمة، ان كان بسبعة جنود وان كان بسبعين ألف جندي. ولذلك وعندما تبادر تركيا في عهد هذه الحكومة الجديدة، التي ابدت، منذ مجيئها الى الحكم، حرصا شديدا على الانفتاح على العرب في كل دولهم واقطارهم، فإنها تتخذ خطوة جديرة بالتقدير والاحترام، وإنه على الدول المعنية ان تستجيب لهذه الدعوة التركية.

إن المعروف هو ان معظم الدول العربية المعنية مباشرة بالازمة العراقية، بحكم التجاور الجغرافي، لا تريد ان تتدخل في الشأن العراقي الداخلي، ولا تريد ان تشارك في أي مبادرة لاقناع الرئيس العراقي بالتنحي لتجنيب بلاده ويلات ودمار هذه الحرب المرتقبة، لكن هذا لا يعني، ويجب ألا يعني، انه بامكانها ان تضع ايديها على عيونها، واصابعها في آذانها، حتى لا ترى ولا تسمع كل هذه الاخطار التي تقترب من دولة شقيقة مجاورة ومهمة.

إذا كانت الدول العربية المعنية لا تريد اغضاب صدام حسين واثارته، أكثر مما هو مثار، فإنه بإمكانها الاستجابة للدعوة التركية، والذهاب الى انقرة، وطرح وجهات نظرها، والبحث عن حل بديل للتقليل من اخطار هذه الحرب، اذا لم تكن هناك امكانية، لا للوقوف الى جانب العراق، ولا للتوصل الى حل سلمي يقطع الطريق على الدبابات والطائرات المتحفزة للتحرك باتجاه بغداد.

عندما تفاقمت ازمة البلقان، لم تبق دول الاقليم هناك نائمة على شحم آذانها، ولعل الاخطر من اغضاب الرئيس العراقي واثارته، هو ان تجد دول الاقليم، المحيطة بالعراق، نفسها غارقة في ازمة طاحنة، كان عليها ان تعالجها قبل ان تستفحل وتتفاقم، وقبل ان تأتي بما هو متوقع، وما هو غير متوقع.

ولهذا وبما ان الاحداث تتسارع على هذا النحو، فإنه على الدول العربية المعنية، ان تتحرك وبسرعة، لتلبية الدعوة التركية. وانه عليها ان تتفاهم، في ما بينها ومع ايران وتركيا، على ما يمكن عمله في حال اندلاع الحرب، اذا لم تكن هناك امكانية لقطع الطريق على هذه الحرب.