بدأت ايران مضاعفة اتصالاتها بالعالم الغربي، في خطوة تشير الى تحول كبير في سياستها الخارجية. فقد اختتم وزير الخارجية الايراني، كمال خرازي، زيارة الى لندن، اجرى خلالها محادثات مع رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، ووزير خارجيته جاك سترو. ومن المقرر ايضا ان يقود خرازي، اليوم، وفدا ايرانيا على مستوى عال للمشاركة في مؤتمر برعاية حلف شمال الاطلسي (الناتو) في ميونيخ بألمانيا، اذ تعتبر هذه اول مرة، منذ ربع قرن، تفتح فيها ايران حوارا مع حلف عسكري تقوده الولايات المتحدة.
وفي الوقت عينه، اشارت ايران الى انها ستمارس سياسة «الحياد النشط» في حال شن حرب على العراق، وهو المصطلح الذي استخدمته طهران في الحرب السابقة ضد بغداد عام 1991، مما يعني تأييدها الضمني للتحالف الدولي الذي كانت تقوده الولايات المتحدة.
تقوم السياسة الايرانية الجديدة على اساس تقييم واقعي للأوضاع في المنطقة، وتحليل المصالح الوطنية الايرانية، إذ توصل القادة الايرانيون، كما هو واضح، الى حقيقة انه اذا اندلعت الحرب، فإن النظام العراقي الحالي لن يخرج منها منتصرا. وعلى أية حال، فإن احتمال ان يهزم صدام حسين التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويبقى في السلطة، ليس مما يمكن للقادة الايرانيين تأييده، ذلك ان طهران حريصة على ان تشهد تغييرا للنظام الحاكم في بغداد، تماما مثل حرصها على وضع نهاية لحكم طالبان في كابل العام الماضي.
يعكس الموقف الايراني هذا، سلوكا واقعيا جديدا، ويشير الى فشل القوى الاقليمية في التوصل الى سياسة بديلة من جانبها. فالشكوك المتبادلة، والتنافس بين هذه القوى أوجدت وضعا يسعى كل طرف في ظله الى التوصل الى اتفاق منفصل مع «القوة العظمى». وهكذا لم يعد لدول المنطقة كافة رأي في تقرير الشكل المستقبلي للترتيبات الامنية وميزان القوى في منطقة الخليج.
ربما يكون الوقت قد مضى على التقاء القوى الاقليمية للتوصل معاً الى سياسة جماعية إزاء الحرب او السلام، ومع ذلك ما زال مطلوبا منها التفكير بصورة جدية في المرحلة التي تلي النزاع الذي بات الآن حتميا. فأي توازن جديد للقوى بإشراف قوة عظمى بعيدة، سيكون غير مستقر. مما يفترض على دول المنطقة تنظيم دفاعاتها وتعزيز امنها، لمواجهة مرحلة جديدة ربما تحمل الكثير من المصاعب.