الشعراء في إخوانياتهم

TT

من ازعج ما يعانيه الاديب الصريح والصادق في مهنته اعطاء رأي في عمل ادبي تافه. التفت موليير لذلك فقال على لسان احد شخصياته لاحد الاثرياء المدعين بالادب، من الممكن يا سيدي ان يكون الانسان رجلا في تمام النبل والحسب والنسب والثروة والجاه ومع ذلك يكتب شعرا رديئا. تتعاظم هذه المحنة عندما تكون امرأة حسناء هي صاحبة القصيدة او القصة كيف تجرؤ ان تجابهها بالحقيقة ولها في الثغر ورموش العينين وحمرة الخدين ما يكسر سيف العدالة. كيف تقول لها يا سيدتي من الممكن لك ان تتنعمي بأجمل وجه واروع قوام واسحر عينين وتنتمي لأنبل اسرة وتملكي ثروة قارون وتحملي أعلى الشهادات، ومع ذلك يا سيدتي فما تكتبينه من شعر هو إما في غاية التفاهة أو يكتبونه لك؟

وقع في هذا المأزق الشاعر البحريني الشيخ جعفر الخطي عندما عرض عليه شويعر من بلدة القطيف شيئا اقرفه فأعرب الخطي عن استهجانه لما كتب فاستاء منه الفتى وراح يسبه في المجالس، فقال فيه:

يا خليلي من ذؤابة (شيبا

ن) ويدعى لما ينوب الخليل

ان هذا الفتى الذي وسم الشعـ...

... ر بعار ما ان نراه يزول

لاك في فيه شحمة الشعر من لم

يدر ما فاعل ولا مفعول

بيد ان الفتى الشيباني ظل يتهجم على الشيخ وينال من عرضه، وهو ما يفعله الشعراء دائما عندما يسفه احد شعرهم، فنصحه بأن يبحث لنفسه عن مهنة اخرى يقتات منها بدلا من تعاطي الشعر. ابتدأ ابو البحر الخطي بذلك البيت الشهير:

اعمل لنفسك مثقالا ومعيارا

وأسرر اباك بأن يلقاك عطارا

ثم استرسل في السخرية والنقد فقال رحمه الله:

أو فاتخذ لك سندانا ومطرقة

واعمل متى شئت سكينا ومسمارا

أو فاتخذ لك منشارا وقشترة

وكن كنوح نبي الله نجارا

او صائغا يسبك العقيان تبرز من

ابريزه للنسا صفا ودينارا

أو فاتخذ لك مزمارا ودبدنة

وعش ـ لك الخير ـ طبالا وزمارا

او ـ فديتك ـ صفارا فليس على

علياك بأس، اذا اصبحت صفارا

أو فافتن الاتن واحمل فوقها حطبا

فخير شيء اذا اصبحت حمارا

وان سمعت مقالي فامض متكلا

على الهك في (الابوام) بحارا

وان ترفعت عن هذا فحي على

استغفار ربك تلقى، الله غفارا

او قيماً في بيوت الله تسمعنا

آذانك العذب اصالا واسحارا

ولا تلم بربع الشعر إذ له

ظعنا تأخرت عن مسراه إذ سارا