هموم الناس في مواجهة الحرب

TT

المظهر العام في دبي امس يشير زمنيا الى ان المعركة على بعد أشهر وربما اعوام، بل تبدو كأنها من المحال. بحسب افادة عامل الفندق كل الغرف محجوزة الى فترة، ونزلاؤه من كل الجنسيات المعنية بالمواجهة، غربيون وعرب. لكن وفق حسابات الشريك الحربي الثاني، بريطانيا، الذي هو ادرى من عامل الفندق، بقي على الحرب نحو شهر.

صحيح ان الامارات تبدو على الخريطة بجوار العراق إلا انها على الأرض بعيدة. فدبي تبعد عن بغداد نحو 1388 كيلومترا، في حين تبعد باريس عن لندن 343 كيلومترا فقط (المسافة الأولى هائلة ولا يوجد خطأ في حسابي). ولكن حساب العواطف نعلم انه لا يمكن قياسه بالأمتار، كما ان قياس الاضرار العامة ايضا هائل بغض النظر عن المسافات. وهذه مشكلة الحروب، فهي مكروهة بغض النظر عن اسبابها. فالألمان هم اكثر الناس في الغرب رفضا للحروب ولا تهمهم الأسباب. يعتبرونها إثما سياسيا عظيما. ولا غرو فهم الذين راح منهم ثلاثة ملايين ونصف مليون في الحرب العالمية الثانية وحملهم العالم وزر مقتل 16 مليون شخص آخر.

وواحة دبي لا علاقة لها بجهنم بغداد بطبيعة الحال، او توترات الكويت، او عمان، فهي مثل سويسرا، موقفها محايد دائما في النزاعات الاقليمية، حتى عندما كان مرجل الحرب الكبرى يغلي بين ايران والعراق.

قبل اسبوع كنت في الكويت، الدولة الأولى على خط النار، بل ربما هي الدولة الوحيدة في خط الصواريخ العراقية. فالأمم المتحدة، ومعها القوات المنتصرة قبل 11 عاما، سامحهم الله حرروا الكويت لكنهم تركوها في الهدف العسكري، عندما حظروا على بغداد ان ترمي احدا ابعد من 150 كيلومترا، وهذه المسافة تعتبر اليوم كافية لتدمير الكويت. شلت القوى المنتصرة قدرة بغداد الصاروخية خارج هذا المحيط إلا فيما يعتقد انها اخفته من اسلحة. والشعور قوي بانها مخزنة في مواقع سرية، بدليل ان العراق فشل في تقديم براهين تثبت انه تخلص منها جميعا. بقي السؤال اين هي، او اين حطامها؟

وقدرات العراق لا يستهان بها في المجال العسكري، بدليل انه اضطر نصف سكان طهران الى الهرب من العاصمة الايرانية قبل 15 عاما عندما امطرهم بـ135 صاروخا سماها الحسين، في اساسها سكود معدلة، واصاب ايضا خمس مدن ايرانية اخرى بصواريخه على طهران قتلت وجرحت اكثر من ستة آلاف شخص.

بالنسبة للكويت وضعها حرج للغاية، فهي على خط النار، ولا يمكن ان تتوقع منها ان تقبل كلمة شرف من بغداد التي تعهدت انها لن تتعرض لها، بدليل ان بغداد نفسها لم تصدق مرة واحدة في اي كلمة شرف واحدة تعهدت بها من قبل للايرانيين او السعوديين او الكويتيين او السوريين. وهذا ما دفع كثيرين للتساؤل عن ضعف الاجراءات الحمائية في الكويت عندما كنت أسير في شوارعها، ولولا مقال كتبه الزميل فيصل القناعي استنكر فيه مظاهر الاسترخاء الامنية والعسكرية ربما ما ظهر شرطي واحد. وتطور الأمر الى معركة بين الحكومة ومجلس الأمة، حيث ان الأولى تريد رفع حالة الطوارئ والثاني يرفضها، مما يعجل بتعطيل او تعليق مجلس البرلمان، واعلان حالة الطوارئ.