غدا عيد الحب، وقبل ان تبرطم، وتسأل: ماذا يعني الحب وسط هذا الرعب، والدماء دعني اخبرك ان العالم لم ينهض بعد كل جولة خراب إلا بالحب، ليس حب الذكر للانثى فحسب بل حب الشجر، والعصافير، والماء، ومتعة ان تنهض فتشرق الشمس وتأتي لتقبل جبينك وتهدر المطابع بالكتب وتسيل الانهار لتنشر العذوبة على الضفتين
الحب في زمن حرب الحصان الرابح الوحيد والفكرة الفارسة القادرة على قهر اليأس والقنوط والاحباط الكوني الفظيع
في الحرب ليس لك إلا ان تحب فحبك شارة النصر التي لا يستطيع ان يدمرها مدفع ولا ان تضع حدا لها قنبلة طائشة
في الغرب حسموا أمرهم، استدعوا القديس فالنتاين من بطن التاريخ ونسبوا عيد الحب له، اما نحن فماذا نسميه..؟
قيس وليلى"... حب نكد، "جميل وبثينة" حب ناشف "حسن ونعيمة".. حب بوليسي وجثث وتحقيق، وجرائم
عيد ابو نواس..؟ تصبح المسألة ملغوزة وملغومة، عيد ابن حزم صاحب كتاب طوق الحمامة في الالفة والالاف..؟ ربما لأنه الاصلح والاصرح وخير من كتب عن الحب في التراث العربي، وان لم يكن هذا الاقتراح مقبولا لا يبقى الا ان نسميه "عيد الاعياد" فالحب بهجة الروح، وحين تكون سعيدا بحبك فكل لحظة عيد اما حين لا تكون فما الحاجة اصلا للاعياد وتسمياتها
أفضل طريقة للتخلص من هدية فالنتاين ان تعطيها شريط ناظم الغزالي "اي شيء في العيد اهدي اليك" ففيه على الاقل عبارة واحدة تخلصك من التفكير بالذهب "لا احب القيود في معصميك
واياك ان تظن ان المسألة حسمت هنا، فالنساء اذكى من ان تمر عليهن هذه اللعبة المكشوفة فحبيبتك ستسمع الشريط، وتقول لك ببراءة: حسنا دعنا من المعصم والقيود لكن ماذا عن الكواحل...؟
والنصيحة الثانية حين تجد نفسك في هذا الموقف ان تتظاهر بعدم الفهم وتنقل الحديث الى اغنية "العيون الكواحل" فأنت لم تتجشم هذا العناء كله لتتخلص من الاسوارة فتقع في الخلخال، فالساق حتى عند الحبيبات العجفاوات انصح، وامتن ومنه لله ناظم الغزالي لماذا لم يكملها ويضيف الساق الى المعصم فيخلص العشاق المفلسين بضربة واحدة من الاسوارة والخلخال
بتحبني ولا الهوى عمره ما زارك.. ياه ما اجمل هذه الاغنية، وما اصعب هذا السؤال الذي يتحكم بكل عاشق وعاشقة في اقوى لحظات الوصال، وما ذاك إلا ان الحب لا يستقر على يقين، فهو مخلوط بالشك، ومعجون بالغيرة، ومسكون بالقلق لذا لا يهدأ بال العاشقين ابدا، ومن هنا ينبع عذاب الحب الذي تكلموا عنه، وكتبوه في مليون رواية ومليار قصيدة وعزفوه في عشرة آلاف سيمفونية ولم يخلص بل ما بلغوا ضفته
والغريب او لعله الطبيعي ان سؤال تلك الاغنية يأتي بعد عشرات التأكيدات على العشق، وعلى انها تعشق ضحكته وكلمته وعيونه والارض التي مشى عليها، وهذا يعني انها لا تبحث عن جواب فلا اجوبة على اسئلة الحب الكبرى لذا تصبح اغنية "انا بعشقك" واغنية "أنا هويت وانتهيت" من اصدق الاغاني العاطفية في تاريخ الفن العربي
سحر الحب مثل عذوبة الماء، وقدرته على الاحياء بسيط، ومركب ولن نعرفه ابدا مهما حللنا وحاولنا، ووردنا النبع وعدنا خائبين او منتصرين
وفي الحب شيء من الادمان المؤكد، فكلما صدمنا وفشلنا ننزوي ونحلف ان نقلع ثم نحنث صاغرين وما نلبث ان نعود
ان ادمان الاصطهاج العاطفي حاجة طبيعية للنفوس السوية، فبدون حب حقيقي تصبح الحياة صحراء تشوي وتعذب، وهو عين ما يفعله الحب فالاصطهاج حالة حرارة داخلية وقبل ان تشرد وتفكر وتفترض ان سعد مثل سعيد ومريم مثل ماري تذكر ان هناك بعض الفروق بين الاصطهاجين ففي الاصطهاج العاطفي نشوى ونحن في طريقنا الى الواحة فنحتمل، وفي الاصطهاج الصحراوي نتعذب دون هدف او غاية. لذا يهرب الناس من الصحارى ولا يهربون من الحب، وحين يضطرون للعيش في الصحراء يبتكر لهم الحب عشرات الواحات والخمائل، ألم اقل لكم ان الحب كالماء عذوبة فائقة وقدرة باهرة على الاحياء ـ#ât…0ê#
تنويعات على مقام الع