ما هو الملاذ الآمن لرئيس دولة؟

TT

حديث منح الرئيس العراقي وبعض أفراد عائلته حق اللجوء مقابل انهاء المواجهة وتجنيب الشعب العراقي الحرب والدمار، قصة على كل لسان. لكن منحه اللجوء مسألة ليست سهلة، دع عنك اقناع الرئيس صدام نفسه القبول بها. الأمر اكثر صعوبة من مصير ابو عمار في عام 1982 عندما حاصره الاسرائيليون في بيروت، وكان الحل ان يبحر في سفينة مع محاربيه الى منفى متفق عليه، تونس، لتجنيب بيروت الدمار.

فالى أين سيبحر الرئيس العراقي لو حوصر في العاصمة بغداد؟

تحاورت مع مسؤول عربي ـ مضطر لعدم ذكر اسمه ـ على فنجان قهوة حول ما يمكن ان يحدث، ووجدت الحديث يستحق ان انشره بلا اذن منه.

* هل تعتقد انه يمكن ان يطلب المسؤولون العراقيون لجوءا؟

ـ انه امر وارد واعتقد ان الجميع، أي الحكومات المعنية، تبحثه وتقلب الامور بشأنه.

* هل تعتقد ان الرئيس العراقي يقبل مثل هذا الحل رغم ما عرف عنه من اعتزاز بالنفس؟

ـ وما حيلة المضطر؟

* الا ركوبها.. صحيح، هل يمكن ان ينتهي في مكان عربي؟

ـ الخيارات محدودة وصعبة للغاية وخطرة أيضا.

* هل صحيح ان السعودية او مصر او ليبيا قدمت عروضاً بمنحه الضيافة؟

ـ لا.. انها جميعا خائفة من تبعات الدعوة. الدولة الوحيدة التي قدمت عرضا حقيقيا حتى اليوم هي بيلاروسيا (روسيا البيضاء)، (الآن فهمت لماذا المتظاهرون هناك حملوا صورا رسمية للرئيس كأنها صادرة عن السفارة العراقية).

* لكن سبق لها ان منحت لجوءاً، فالسعودية عندها عيدي امين حاكم اوغندا، وحديثا منحت اللجوء لنواز شريف رئيس وزراء باكستان السابق. وكذلك المصريون، عندهم تاريخ حافل.. حتى رفات الشاه هناك.

ـ بالضبط.. ما حدث مع الشاه يقلق الجميع، استضافه المصريون حيا لايام، ثم استضافوه ميتا. دفن جثمانه وضع نظام السادات في مواجهة مع الايرانيين الثوار. والأخطر في موضوع حكام العراق المقبلين هم الاميركيون الذين سيلاحقونه قانونيا لسنين مقبلة. منح اللجوء سيضع المضيف في مواجهة مستقبلية مع خصوم صدام وهم كثر.

* ألا يمكن ان يتم منحه اللجوء بضمان الامم المتحدة، وتوقيع جميع الاطراف بما فيها الطرف العراقي باعتبار ان المنفى محمي من المحاكمات والملاحقات؟

ـ لا.. لا توجد حكومة تصدق بمثل هذه الضمانات في الوقت الحالي. ان الاميركيين سيقدمون مطالب تعويضات ضده او ضد نظامه ولن يتحصن احد ضده. انظر ما حدث لبينوشيه دكتاتور تشيلي السابق، لم يمنح فرصة حتى لاكمال علاجه في بريطانيا. انظر ايضا ما حدث لعزت الدوري، نائب رئيس مجلس القيادة العراقي، اضطر لقطع علاجه في سويسرا وهي البلد المحايد وعاد الى بغداد.

* هل يمكن ان تغري ثروة صدام بعض المترددين؟

ـ بالتأكيد. لا بد من حساب الربح والخسارة. هناك ثروة طائلة ستصحبه، لكن من يضمن انه لن يلاحق بسببها فيصبح المال نفسه سببا للمشاكل. انها معادلة معقدة ومغامرة خطيرة والجميع يعلمون هذا الشيء، خاصة ان الخصم هنا دولة بحجم اميركا، والعراقيون سيخرجون بالالاف غدا يطالبون بالمحاسبة والمحاكمة وايذاء من يمنحه اللجوء. اتصور ان روسيا البيضاء حل مناسب في الوقت الراهن، لكن لو كنت مكانه ما راهنت على الروس البيض او الحمر.