مبادرة تستحق الاهتمام

TT

متى يصبح المزيد من الدبلوماسية غير مفيد؟ ربما يشهد العالم في الوقت الراهن مثالا على ذلك بالضبط فيما يتعلق بالازمة العراقية. فقد اجرت العديد من الدول، لشهور عديدة، وبصفة خاصة كل من فرنسا والمانيا حملات دبلوماسية لمنع استخدام القوة لضمان تطبيق العراق لالتزاماته تجاه الأمم المتحدة.

وهذه الحملة، بغض النظر عن دوافعها، وصلت كما يبدو الى طريق مسدود. فلم تعد الولايات المتحدة والدول الحليفة لها، بما في ذلك بريطانيا، على استعداد للعب دور في ما يعتبرونه مناورات دبلوماسية غير مثمرة.

ولذا، فإن الخطر الحقيقي هو ان الولايات المتحدة وبريطانيا، بالاضافة الى حوالي 30 دولة تقريبا حليفة لهما، ربما تقرران تجاهل مجلس الامن، والاستناد الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة والقيام بعمل عسكري لتغيير النظام في العراق.

واذا حدث ذلك، فليس من المرجح مشاركة فرنسا والمانيا في الحرب ضد الولايات المتحدة وبريطانيا من اجل انقاذ النظام العراقي الحالي.

اذن ما هي النتيجة النهائية للحملة الفرنسية ـ الالمانية؟ لا شيء سوى استبعاد الامم المتحدة من التعامل بأي طريقة مع قضية العراق، وعندما يحين الوقت، تشكيل مستقبله. وبمعنى اخر منع الولايات المتحدة وبريطانيا من العمل في اطار الامم المتحدة، ففرنسا والمانيا تقدمان لهما بطاقة مفتوحة للتصرف بالطريقة التي تعجبهما في العراق.

والقيادة العراقية الحالية، تسعى ايضا الى سياسة ليست لها اية نتائج حقيقية سوى فتح الطريق لاستيلاء اميركي على المنطقة.

ما اصبح معروفا الآن باسم المبادرة الكندية ربما يساعد المجتمع الدولي على تجنب الانشقاق، وبالتالي منح الامم المتحدة وليس الولايات المتحدة، الدور الاساسي في تشكيل مستقبل العراق.

ان التصويت بالاجماع من قبل مجلس الامن لاتخاذ عمل جماعي سيحمّل الامم المتحدة مسؤولية الملف العراقي، وبالتالي يمنع الولايات المتحدة من فرض السيناريو الخاص بها.

وتستحق المبادرة الكندية اهتماما اكثر لأنها تقدم للجميع الفرصة للابتعاد عن المواقف الاكثر تشددا، والعثور على موقف مشترك في اطار الامم المتحدة. وستساعد شعب العراق ايضا الذي سيمكنه تجنب مهانة وضعه تحت حكم عسكري اميركي مباشر.

ان الاختيار في العراق اليوم ليس المهمة المستحيلة باستمرار صدام حسين في السلطة من ناحية، ولا وجود حاكم عسكري اميركي في بغداد من ناحية اخرى. بل يمكن للامم المتحدة ان تطرح بديلا ثالثا يحظى بدعم الاتحاد الاوروبي، والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي، والرأي العالمي حقا ككل.