طموحات تركيا وإيران في حرب العراق

TT

وصف احد المعلقين الرئيس العراقي صدام حسين بانه لا يهمه من يحبه بقدر ما يهمه ان يخافه الجميع. وقد يناسب هذا اميركا فهي تفكر بأنها اذا لم تفرض على العالم ان «يحبها»، فعلى الاقل تريده ان «يهابها»، وان انتصارا حاسما في العراق يمكن ان يظهر الارادة والقوة الاميركيتين. واذا استطاعت واشنطن تأمين احتلال ثابت، فانها تشعر بفرض الاحترام.. لكن، هل يمكن لهذا ان يتحقق بعد الموقف التركي الاخير الذي قد يعيق «الاحتلال» الاميركي الكامل للعراق. فقد رفض رئيس الحكومة التركية، رجب طيب اردوغان، السماح للقوات الاميركية البحرية بالانطلاق من تركيا، واحد اسباب تردد انقرة ومن ثم رفضها السماح للقوات الاميركية بما ارادته واشنطن، هو لخوفها من ان يحد ذلك الوجود من قدرة تركيا على التحرك لتحقيق مصالحها المباشرة.

من المحتمل جدا ان تتدخل تركيا، فالقوات التركية موجودة فعلا في الاراضي العراقية لتحقيق ابرز اهداف انقرة، وصار معروفا ما يتطلع اليه الاتراك. اولا ستحاول القوات التركية احتلال آبار النفط في الموصل، واذا كان ممكنا ابار نفط كركوك، ويمكن ايضا ان تتحرك القوات الكردية في شمال شرق العراق باتجاه كركوك فالاكراد يعتبرونها عاصمتهم، لذلك قد تصطدم القوات التركية والكردية وعندها يمكن لتركيا ان تستغل تلك المواجهة لتصفية حساباتها مع الاكراد.

هناك قول ان واشنطن لن تنزعج اثناء الحرب من تدخل القوات التركية اذا ساهمت في الحاق هزيمة سريعة بالعراق، لكن احتلال تركيا لابار نفط الموصل وكركوك سيؤثر لاحقا على خطط اعادة بناء العراق بعد الحرب، فاميركا تعتمد على عائدات النفط العراقي لتمويل خططها واحتلالها الطويل الذي قد يستمر ما بين سنتين وخمس سنوات، ربما لهذا السبب تعرف انقرة ان واشنطن في النهاية مضطرة الى التوصل الى تسوية معها مهما كان موقفها، فواشنطن لا تستطيع في آن واحد ان تشن حربا على تركيا، ثم ان الاخيرة لن تكون مديونة للولايات المتحدة.

الحرب التي بدأت ضد العراق، قد تكون بشعة في شماله، اذ ستحرك ايران فيلق بدر الذي ادخلته هي الاخرى الى شمال العراق، ويمكن ان يتوسع الصراع الذي يخوضه الاكراد ويؤدي بهم الى كارثة.

ان سجل اميركا مع وعودها المبتورة للاكراد حافل، وقد تكون احدى ابرز المسائل لمستقبل العلاقات الاميركية ـ الخليجية، المصداقية الاميركية. لهذا تراقب الدول التي شاركت في «تحالف الارادات»، بحذر تعامل اميركا مع الاكراد. ثم ان مصداقيتها مع الاكراد وان كانت ضرورية إلا انها لن تكفي، فاذا سمحت للاتراك باقتطاع جزء من ثروة العراق، فان ايران لا بد ان تتبع الخطوات التركية فهي ادخلت فيلق بدر الى الشمال وينشط حرسها الثوري في جنوب العراق. على واشنطن ان تسيطر على الطموحات التركية والايرانية، كي تكون الحرب الاهلية المتوقعة في العراق، قصيرة الامد!