«الحجاج» بن بوش: أي رقاب أينعت؟

TT

في ظرف درامي مهول بدأت الحرب على العراق، في شهر محرم، وفي أيام تلت ذكرى عاشوراء الهامة في العراق، ومرورا على مدن شهدت فصولا تاريخية هامة في العالم الاسلامي، مثل: البصرة والموصل والنجف وكربلاء وبغداد والكوفة.

الحرب التي بدأت تحت شعار اطلقته وزارة الدفاع الامريكية وهو «حرية العراق» تحمل في جنباتها محاور لا تستطيع خيالات هوليوود اخراجها، ولكن المشكلة ان هذا الحدث اصبح واقعا وليس خيالا. انها الحرب التي مهدت لها واشنطن منذ فترة ليست بقصيرة، وهي التي خرجت الكثير من التقديرات المختلفة لتفسر وتبرر اسبابها والدوافع التي تصاحبها. ففسرت تارة بانها حرب بسبب النفط وتارة اخرى انها صليبية صهيونية، وتارة انها لتطويق الصين، وتارة انها لازالة نظام صدام وتغيير النظم السياسية في الشرق الأوسط، وان العراق ما هو الا الجزء الاول في الحملة الامريكية «الاصلاحية» المتكاملة.

السؤال الآن هو: هل بامكان العرب استباق تلك الحملة بحملة تدرك مصائرهم قبل ان يدركها لهم غيرهم؟ او لم يصبح من الضروري ان يكون لنا موقع بين الأمم التي اختارت لنفسها مكانة العيش بكرامة؟ من المغري ان نقع في شراك التركيز على ردود الفعل على حرب امريكا ضد العراق ووصفها بكل ما يمكن ان يوصف دون التعمق في الاسباب التي ادت بنا الى هذه الحال. اسباب كلها لها علاقة بالواقع الداخلي العربي. واقع سياسي مرير واقتصادي متخلف واجتماعي متهالك. حقوق تسلب وإرادة توأد وحرية تغتصب وعليه ليس من الغريب ان يولد كل ذلك شعوبا مقهورة شكاكة في علاقة سوية بينها وبين انظمة حكمها.

لقد اضاع العرب في مؤتمر قمتهم الاخيرة فرصة هامة للتحدث عن اهم موضوع يطرح على طاولة محادثاتهم، وهو الاصلاح السياسي الشامل. فهو مدخل لعلاج العديد من الامراض المستعصية التي يحياها عالمنا العربي اليوم. ولكن استمر القادة العرب في تجاهل مشاكلهم الحقيقية واستمروا في شعارات رنانة وخطابات براقة لا نفع فيها ولا رجاء منها. اليوم وبوش يطلق حملاته السياسية التبشيرية الواعدة بـ«اصلاح» المنطقة من العراق الى موريتانيا، مؤكدا ان صدام ما هو الا الجزء الاول من تلك الخطة، هل نملك ترف الخيار بان نظل مشاهدين فاغرين ثغورنا لما يحدث دون حراك؟ ام انه لا بد من النهوض والعمل الجدي نحو الاصلاح الذاتي قبل فوات لأوانه؟ كم من نداء اطلق في هذا الاتجاه؟ ولكن مع الأسف تذهب الكلمات ويبقى الصدى؟ انذار بوش بالتغيير في المنطقة هو خطاب «حجاجي» يعد فيه بالتغيير ولو كان دمويا كما حدث في العراق تاريخيا. وعليه فبدلا من الترقب يمينا ويسارا ننتظر ونتساءل «على من الدور بعد صدام؟» هل من يقظة نرجوها لانفسنا؟ ولكن التاريخ يذكرنا بان حالات اليقظة تحدث بوعي الضمير والتفاعل معه فهل مات ضميرنا بلا رجعة؟

[email protected]